من ذلك، فعندها بعث جلالة الملك إليه بجواب يقترح عليه عقد مؤتمر من مندوبين من الطرفين لحل المشكل، وبعد مفاوضات طويلة أبدى فيها كل من الطرفين حجته في جبل العرو، ولكنهم لم يحصلوا على نتيجة، وفي النهاية أبرق يحيى إلى جلالة الملك أنها قضية متروكة لجلالته، وأنه يحكم فيها بالذي يراه، فكان جواب جلالة الملك المنع البات عن أن يتنازل عن جبل العرو للإمام يحيى.
هذا وقد كان الإمام يحيى من حينما عقدت اتفاقية مكة المكرمة بين حضرة صاحب الجلالة ابن سعود، وبين الحسين الإدريسي سنة ١٣٤٥ هـ لم تكن العلاقات السياسية بين يحيى وابن سعود على ما يرام، فقد خيف من نشوب حرب بينهما، ولما أوفد ابن سعود وفدًا متألفًا من ثلاثة أشخاص، هم سعيد بن عبد العزيز بن مشيط، وعبد الوهاب بن محمد أبو ملحة، وتركي بن محمد بن ماضي، وسافر هذا الوفد إلى صنعاء دارت بين الوفد وبين الإمام يحيى مباحث عديدة خلال سبع عشرة جلسة تجلت عن كون الأدارسة دخلاء وغاصبين، وإن مقاطعتهم في تهامة ليس للإدريسي فيها أي حق من الحقوق، وأن الإدريسي رجل دخيل مغتصب لتلك القطعة، ثم حصلت جلسات بلغت خمسة عشر جلسة على غير طائل، ثم حصلت مراجعات ووثائق عديدة بين ابن سعود وبين يحيى من لدن تلك السنة إلى هذه السنة.
هذا ولم يوفق المندوبون إلى بلوغ تسوية يمكن القول بها لتمسك اليمانيين وإصرارهم على البقاء في الأماكن التي احتلوها، وحينما تعقدت الأمور حل ابن سعود مشكلها واجتمع المندوبون من جديد ووقعوا على معاهدة في ثمان مواد صدّقها الإمام يحيى وجلالة الملك، وهذا نصها:
بعد البسملة، حسب الأمر من سيادة الإمام الأعظم يحيى بن محمد حميد الدين، وجلالة الملك المعظم عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، قد اجتمعنا من طرف الملكين لعقد اتفاقية بين الحكومتين بموجب المواد المبينة أدناه:
المادة الأولى: يكون على الدولتين المحافظة على الصداقة وحسن الجوار وتوثيق عرى المحبة، وعدم إدخال الضرر ببلاد كل منهما على الآخر.