للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: لَا أَدْرِي مَا الْعَقَبَةُ الْأُولَى.

ثُمَّ يَقُولُ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَلَى لَعَمْرِي قَدْ كَانَتْ عَقَبَةٌ وَعَقَبَةٌ.

قَالُوا كُلُّهُمْ: فَنَزَلَ مُصْعَبٌ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَكَانَ يُسَمَّى بِالْمَدِينَةِ الْمُقْرِئَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَؤُمَّهُ بَعْضٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَسَمِعَ الْأَذَانَ بِهَا صَلَّى عَلَى أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ.

قَالَ: فَمَكَثَ حِينًا عَلَى ذَلِكَ لَا يَسْمَعُ لأذان الجمعة إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ.

قَالَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا بِي لَعَجْزٌ، ألا أسأله؟ فقلت يا أبت مالك إِذَا سَمِعْتَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّيْتَ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ؟ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَعَ بِنَا بِالْمَدِينَةِ فِي هَزْمِ النَّبِيتِ (١) مِنْ حرة بني بياضة في بقيع يقال له بقيع الْخَضَمَاتِ قَالَ: قُلْتُ وَكَمْ أَنْتُمْ يومئذٍ؟ قَالَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ يَأْمُرُهُ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ (٢) ، وَفِي إِسْنَادِهِ غَرَابَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ خَرَجَ بِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ يُرِيدُ بِهِ دَارَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارَ بَنِي ظَفَرٍ، وَكَانَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ابْنَ خَالَةِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ؟ فَدَخَلَ بِهِ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرٍ عَلَى بِئْرٍ يُقَالُ لَهُ: بِئْرُ مَرَقٍ فَجَلَسَا فِي الْحَائِطِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمَا رِجَالٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ، وَسَعْدُ بن معاذ وأسيد بن الحضير، يومئذٍ سَيِّدًا قَوْمِهِمَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَكِلَاهُمَا مُشْرِكٌ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، فَلَمَّا سَمِعَا به، قال سعد لأسيد: لا أبالك، انْطَلِقْ إِلَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ أَتَيَا دارينا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما، وإنههما أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا فَإِنَّهُ لَوْلَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ مِنِّي حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ كَفَيْتُكَ ذَلِكَ، هُوَ ابْنُ خَالَتِي وَلَا أَجِدُ عَلَيْهِ مُقَدَّمًا.

قَالَ: فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ حَرْبَتَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ قَالَ لِمُصْعَبٍ هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ وَقَدْ جَاءَكَ فَاصْدُقِ اللَّهَ فِيهِ، قَالَ مُصْعَبٌ: إِنْ يَجْلِسْ أكمله.

قَالَ فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا فَقَالَ: مَا جَاءَ بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟


(١) هزم النبيت: جبل على بريد من المدينة قاله السهيلي وأنكره ياقوت في معجمه ونفى أن يكون هزم النبيت جبلا لان هزم: المطمئن من الارض واستحسن قولا - قال: إن صح فهو المعول عليه - وهو: جمع بنا في هزم بني النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ يقال له: نقيع الخضمات.
(٢) قال ابن سعد: قال محمد بن عمر: إنما كان مصعب بن عمير يصلي بهم ويجمع بهم الجمعات بِأَمْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليهاجر معه صلى بهم أسعد بن زرارة وقال البيهقي: يحتمل أن لا يخالف هذا قول ابن شهاب، وكان مصعب جمع بهم معونة أسعد بن زرارة فأضافه كعب إليه والله أعلم.
(أنظر الحاشية السابقة - وترجمة ابن زرارة وابن عمير في الطبقات ج ٣) (*) .

<<  <  ج: ص:  >  >>