للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيهقي (١) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي. قالا: ثنا أبو العباس الأصم ثنا الحسن بن مكرم حدثني أبو أحمد بشر (٢) بن محمد السكري ثنا عبد الملك بن وهب المذحجي ثنا أبجر بن الصباح (٣) عن أبي معبد الخزاعي أن رسول الله خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي، فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت أم معبد امرأة برزة (٤) جلدة تحتبى وتجلس بفناء الخيمة (٥) فتطعم وتسقى، فسألوها هل عندها لحم أو لين (لبن) يشترونه منها؟ فلم يجدوا عندها شيئا من ذلك. وقالت: لو كان عندنا شئ ما أعوذكم القرى، وإذا القوم مرملون مسنتون (٦). فنظر رسول الله فإذا شاة في كسر خيمتها، فقال: " ما هذه الشاة يا أم معبد؟ " فقالت شاة خلفها الجهد عن الغنم. قال: فهل بها من لبن " قالت هي أجهد من ذلك. قال تأذنين لي أن أحلبها؟ قالت إن كان بها حلب فاحلبها. فدعا رسول الله بالشاة فمسحها وذكر اسم الله ومسح ضرعها وذكر اسم الله ودعا بأناء لها يربض الرهط فتفاجت واجترت فحلب فيها ثجا حتى ملأه (٧) فسقاها وسقى أصحابه فشربوا عللا بعد نهل، حتى إذا رووا شرب آخرهم وقال " ساقي القوم آخرهم " ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا قال فقلما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن (٨) هزلى لا نقي بهن، مخهن قليل فلما رأى اللبن عجب وقال من أين هذا اللبن يا أم معبد ولا حلوبة في البيت والشاء عازب (٩)؟ فقالت: لا والله


(١) في دلائل البيهقي - باب حديث أم معبد - روى البيهقي حديثا طويلا من طرق ثلاث كلها عن حبيش بن خالد أخو عاتكة - أم معبد ج ١/ ٢٧٧ - ٢٧٨ ولم يرد في روايته من طريق أبي معبد، ولعل ابن كثير وهم في إسناد هذه الرواية إلى البيهقي، والرواية التالية - والتي رواها ابن سعد في الطبقات ١/ ٢٣٠ عن أبي معبد قريبة جدا من رواية البيهقي.
(٢) في ابن سعد: محمد بن بشر بن محمد السكري.
(٣) في ابن سعد: الحر بن الصياح.
(٤) امرأة برزة: يريد أنها خلا لها سن فهي تبرز، ليست بمنزلة الصغيرة المحجوبة، والبرزة إذا كانت كهلة لا تحجب احتجاب الشواب وهي مع ذلك عاقلة تجلس للناس وتحدثهم، من البروز وهو الظهور.
(٥) كذا في الأصل وابن سعد وفي رواية البيهقي: القبة.
(٦) مرملون: أصله من الرمل، كأنهم لصقوا بالرمل، يريد قد نفد زادهم.
مسنتون، وتروى مشتون أي دخلوا في الشتاء. ومسنتون: أي داخلون في السنة وهي الجدب والمجاعة.
(٧) هكذا في الأصل حتى ملأه، وفي الكلام نقص، وفي ابن سعد: حتى عليه الثمال. وفي البيهقي: حتى علاه البهاء: أي بهاء اللبن، وهو وبيص رغوته، يريد أنه ملأها.
(٨) في ابن سعد: ما تساوق. والتساوك: السير الضعيف، وقيل رداءة المشي قال الأزهري: تقول العرب: جاءت الغنم تساوك: أي تتمايل من الهزال والضعف في مشيها.
(٩) الشاء العازب: أي بعيدة عن المرعى لا تأوي المنزل في الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>