للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصالحين، ومعقلا وحصنا منيعا للمسلمين، ودار هدى للعالمين. والأحاديث في فضلها كثيرة جدا لها موضع آخر نوردها فيه إن شاء الله. وقد ثبت في الصحيحين من طريق حبيب بن يساف عن جعفر بن عاصم عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله : " إن الايمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها " (١) ورواه مسلم أيضا عن محمد بن رافع عن شبابة عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن ابن عمر عن النبي نحوه. وفي الصحيحين أيضا من حديث مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع أبا الحباب سعيد بن يسار سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله : " أمرت بقرية تأكل القرى، يقول: يثرب، وهي المدينة، تنقي الناس كما ينقي الكير خبث الحديد " (٢) وقد انفرد الامام مالك عن بقية الأئمة الأربعة بتفضيلها على مكة. وقد قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الوليد، وأبو بكر بن عبد الله قالا ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو موسى الأنصاري، ثنا سعيد بن سعيد، حدثني أخي عن أبي هريرة أن رسول الله قال: " اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي فاسكني أحب البلاد إليك " فأسكنه الله المدينة " (٣)،. وهذا حديث غريب جدا والمشهور عن الجمهور أن مكة أفضل من المدينة إلا المكان الذي ضم جسد رسول الله ، وقد استدل الجمهور على ذلك بأدلة يطول ذكرها ههنا ومحلها ذكرناها في كتاب المناسك من الاحكام إن شاء الله تعالى. وأشهر دليل لهم في ذلك ما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهري أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عدي بن الحمراء أخبره أنه سمع النبي وهو واقف بالحزورة في سوق مكة يقول: " والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " وكذا رواه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الزهري به. وهكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث الليث عن عقيل عن الزهري به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وقد رواه يونس عن الزهري به. ورواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وحديث الزهري عندي أصح. قال الإمام أحمد: حدثنا


(١) رواه مسلم في ١ كتاب الايمان ٦٥ باب ح ٢٣٣. والبخاري في ٢٩ كتاب فضائل المدينة ٦ باب ح ١٨٧٦ فتح الباري ٤/ ٩٣ عن خبيب بن عبد الرحمن بن يساف. وأخرجه الترمذي في الايمان وابن ماجة في المناسك وأحمد في المسند ١/ ١٨٤.
(٢) أخرجه البخاري في ٢٩ فضائل المدينة (٢) باب فتح الباري ٤/ ٨٧ ومسلم في ١٥ كتاب الحج ٨٨ باب ح ٤٨٨ وأحمد في ٢/ ٢٣٧، ٢٤٧، ٣٨٤.
أمرت بقرية: اي أمرني ربي بالهجرة إلى قرية - يثرب -.
- تأكل القرى: تغلبها وتظهر عليها.
- تنقي، وفي النهاية: تنفي: تخرجه عنها من النفي، وتنقي من إخراج النقي وهو المخ أو من التنقية وهي إفراد الجيد من الردئ.
(٣) دلائل النبوة ج ٢/ ٥١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>