للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَيْثَمَةَ، وَيَقُولُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ: إِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِ كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ جَلَسَ لِلنَّاسِ فِي بَيْتِ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عَزَبًا لَا أَهْلَ لَهُ، وَكَانَ يُقَالُ لِبَيْتِهِ بيت الاعزاب (١) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَزَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ أَحَدِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسُّنْحِ وَقِيلَ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَأَيَّامَهَا، حَتَّى أَدَّى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَدَائِعَ التِي كَانَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ مَعَهُ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.

فكان علي بن أبي طالب إنما كَانَتْ إِقَامَتُهُ بِقُبَاءَ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ.

يَقُولُ: كَانَتْ بِقُبَاءَ امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا مُسْلِمَةٌ، فَرَأَيْتُ إِنْسَانًا يَأْتِيهَا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهَا بَابَهَا فَتَخْرُجُ إِلَيْهِ فَيُعْطِيهَا شَيْئًا مَعَهُ فَتَأْخُذُهُ، فَاسْتَرَبْتُ بِشَأْنِهِ فَقُلْتُ لَهَا يَا أَمَةَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الَّذِي يَضْرِبُ عَلَيْكِ بَابَكَ كُلَّ لَيْلَةٍ فَتَخْرُجِينَ إِلَيْهِ فَيُعْطِيَكِ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ وَأَنْتِ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ لَا زَوْجَ لَكِ؟ قَالَتْ: هَذَا سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ.

وَقَدْ عَرَفَ أَنِّي امْرَأَةٌ لَا أَحَدَ لِي، فَإِذَا أَمْسَى عَدَا عَلَى أَوْثَانِ قَوْمِهِ فَكَسَرَهَا ثُمَّ جَاءَنِي بِهَا فَقَالَ احْتَطِبِي بِهَذَا، فَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْثُرُ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حِينَ هَلَكَ عِنْدَهُ بِالْعِرَاقِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ

وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ وَأَسَّسَ مَسْجِدَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَكَثَ فِيهِمْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السلام أقام فيهم ثماني عشر لَيْلَةً.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السلام وأقام فِيهِمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَحَكَى مُوسَى بْنُ عقبة عن مجمع بن يزيد بن حارثة أَنَّهُ.

قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِينَا - يَعْنِي فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ - اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَيُقَالُ أَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَدْرَكَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَصَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي فِي بطن الوادي - وادي رانوناء (٢) - فكان أَوَّلَ جُمُعَةٍ صَلَّاهَا بِالْمَدِينَةِ (٣) .

فَأَتَاهُ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبَّاسُ بْنُ عُبادة بْنِ نَضْلَةَ فِي رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَالِمٍ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عِنْدَنَا فِي الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ وَالْمَنَعَةِ قَالَ: " خَلُّوا سَبِيلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ " لِنَاقَتِهِ فَخَلَّوْا سَبِيلَهَا فَانْطَلَقَتْ حَتَّى إِذَا وَازَتْ (٤) دَارَ بَنِي


(١) من ابن هشام، وفي الاصل العزاب وهو تحريف.
(٢) في رواية جرير بن حازم عن ابن إسحاق: ببطن مهزور (دلائل البيهقي ٢ / ٥٠٤) .
(٣) قال ابن سعد: فلما أتى مسجد بني سالم جمع بمن كان معه من المسلمين وهم مائة.
(٤) في ابن هشام: وازنت.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>