للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبيه، عن عائشة قالت: قدم رسول الله المدينة وهي أوبأ أرض الله، وواديها بطحان نجل [يجري عليه الأثل] (١). قال هشام: وكان وباؤها معروفا في الجاهلية، وكان إذا كان الوادي وبيئا فأشرف عليها الانسان قيل له أن ينهق نهيق الحمار، فإذا فعل ذلك لم يضره وباء ذلك الوادي. وقد قال الشاعر حين أشرف على المدينة:

لعمري لئن عبرت من خيفة الردى … نهيق الحمار إنني لجزوع (٢)

وروى البخاري (٣) من حديث موسى بن عقبة: عن سالم [بن عبد الله] عن أبيه أن النبي قال: " رأيت كأن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة - وهي الجحفة فأولتها أن وباء المدينة نقل إلى مهيعة - وهي الجحفة - " هذا لفظ البخاري ولم يخرجه مسلم ورواه الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة من حديث موسى بن عقبة. وقد روى حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت: قدم رسول الله المدينة وهي وبيئة، فذكر الحديث بطوله إلى قوله وانقل حماها إلى الجحفة. قال هشام: فكان المولود يولد بالجحفة فلا يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى. ورواه البيهقي في دلائل النبوة (٤). وقال يونس عن ابن إسحاق: قدم رسول الله المدينة وهي وبيئة. فأصاب أصحابه بها بلاء وسقم حتى أجهدهم ذلك، وصرف الله ذلك عن نبيه وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: قدم رسول الله وأصحابه صبيحة رابعة - يعني مكة - عام عمرة القضاء. فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم رسول الله أن يرملوا [الأشواط الثلاثة] (٥) وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الابقاء عليهم.

قلت: وعمرة القضاء كانت في سنة سبع في ذي القعدة (٦) فأما أن يكون تأخر دعاؤه


(١) ما بين معكوفين سقط من الأصل واستدرك من دلائل النبوة ج ٢/ ٥٦٧.
(٢) في الدلائل: عشرت بدلا من عبرت.
(٣) صحيح البخاري ٢/ ٣٧ ونقله البيهقي من طريق فضيل بن سليمان.
(٤) ج ٢/ ٥٦٨ وفيه: وبئة بدل وبيئة.
(٥) الخبر في البخاري عن سليمان بن حرب ٢٥ كتاب الحج ٥٥ باب ح ١٦٠٢ فتح الباري ٣/ ٣٦٨ وأعاده في المغازي باب عمرة القضاء. ورواه مسلم في ١٥ كتاب الحج ٢٩ باب من طريق حماد بن زيد عن أيوب بن أبي تميمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. ح ٢٤٠.
- ما بين معكوفين من الصحيحين.
- وهنهم، وفي مسلم وهنتهم: أي أضعفتهم، قال الفراء وغيره: يقال وهنته وأوهنته الحمى لغتان. ويثرب كان اسم المدينة في الجاهلية.
- يمشوا ما بين الركنين: أي حيث لا تقع عليهم أعين المشركين، فإنهم لم يكونوا في تلك الجهة.
(٦) في الكامل لابن الأثير: في ذي الحجة. وما أثبتناه عن الطبري ٣/ ١٠٠ وانظر في عمرة القضاء: الطبري ٣/ ١٠٠ صحيح البخاري ٥/ ١٤١ طبقات ابن سعد ٣/ ١٢٠ سيرة ابن هشام ٣/ ٣١٩ عيون الأثر ٢/ ١٩٢ المغازي للواقدي ٢/ ٧٣١ أنساب الأشراف ١/ ١٦٩ المسيرة الحلبية ٣/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>