للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك (١).

قال ابن إسحاق: ثم ارتحل رسول الله من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدية (٢) وترك الحنان بيمين وهو كئيب عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريبا من بدر فركب هو ورجل من أصحابه (٣). قال ابن هشام هو أبو بكر. قال ابن إسحاق - كما حدثني محمد بن يحيى بن حبان - حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش، وعن محمد وأصحابه، وما بلغه عنهم. فقال الشيخ: لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟ فقال له رسول الله إذا أخبرتنا أخبرناك فقال أو ذاك بذاك؟ قال: نعم! قال الشيخ فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به رسول الله وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا. للمكان الذي به قريش، فلما فرغ من خبره قال ممن أنتما؟ فقال له رسول الله نحن من ماء " ثم انصرف عنه. قال يقول الشيخ: ما من ماء أمن ماء العراق؟ قال ابن هشام: يقال لهذا الشيخ سفيان الضمري.

قال ابن إسحاق: ثم رجع رسول الله إلى أصحابه فلما أمسى بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام (٤) وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير فأصابوا راوية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج (٥) وعريض أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد، فأتوا بهما فسألوهما، ورسول الله قائم يصلي فقالوا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما، فلما أذلقوهما (٦) قالا: نحن لأبي سفيان فتركوهما، وركع رسول الله وسجد سجدتيه وسلم. وقال: " إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله إنهما لقريش، أخبراني عن قريش؟ قالا: هم [والله] وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة


(١) نقله البيهقي في الدلائل ٣/ ١٠٧ بنحوه في باب سياق قصة بدر عن مغازي موسى بن عقبة.
(٢) كذا في الأصل، وفي ابن هشام والواقدي وتاريخ الطبري ومعجم البلدان: الدبة: وهي بلد بين الأصافر وبدر.
(٣) في الواقدي: معه قتادة بن النعمان، ويقال عبد الله بن كعب المازني، ويقال: معاذ بن جبل.
(٤) في الواقدي: بسبس بن عمرو بدلا من الزبير بن العوام، وفي روايته أنه أنه التقى قبل ذلك ببسبس فأخبره خبر قريش. وقد تقدم أنه بعث بسبس وعدي بن أبي الزغباء يتحسسان أخبار قريش (الطبري - ابن الأثير - سيرة ابن هشام طبقات ابن سعد).
(٥) في ابن الأثير: الجحجاح، وفي الواقدي ذكر ثلاثة: أسلم غلام منبه بن الحجاج، ويسار غلام عبيد بن سعيد بن العاص، وأبو رافع غلام أمية بن خلف.
(٦) أذلقوهما: بالغوا في ضربهما وآذوهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>