للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال بل هو الرأي والحرب والمكيدة. قال يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل فأمض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فننزله، ثم نغور (١) ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال رسول الله : " لقد أشرت بالرأي ". قال الأموي: حدثنا أبي قال: وزعم الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. قال بينا رسول الله يجمع الأقماص (٢) وجبريل عن يمينه إذا أتاه ملك من الملائكة فقال يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام فقال رسول الله : " هو السلام ومنه السلام وإليه السلام " فقال الملك (٣) إن الله يقول لك أن الامر [هو] الذي أمرك به الحباب بن المنذر. فقال رسول الله يا جبريل هل تعرف هذا؟ فقال ما كل أهل السماء أعرف وأنه لصادق وما هو بشيطان فنهض رسول الله ومن معه من الناس فسار حتى أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ثم أمر بالقلب فعورت، وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية. وذكر بعضهم أن الحباب بن المنذر لما أشار بما أشار به على رسول الله نزل ملك من السماء وجبريل عند النبي فقال الملك يا محمد ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الرأي ما أشار به الحباب، فنظر رسول الله إلى جبريل فقال ليس كل الملائكة أعرفهم وأنه ملك وليس بشيطان. وذكر الأموي (٤) أنهم نزلوا على القليب الذي يلي المشركين نصف الليل وأنهم نزلوا فيه واستقوا منه وملؤا الحياض حتى أصبحت ملاء وليس للمشركين ماء.

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث: أن سعد بن معاذ. قال: يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا، كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد حبالك منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك. فأثنى عليه رسول الله خيرا ودعا له بخير، ثم بنى لرسول الله عريش كان فيه.

قال ابن إسحاق: وقد ارتحلت قريش حين أصبحت فأقبلت، فلما رآها رسول الله


(١) كذا في الأصل وابن هشام والواقدي نغور: نفسد قاله أبو ذر في شرح السيرة، وفي ابن سعد وكامل ابن الأثير نعور: أي ندفن.
(٢) كذا في الأصل، ولم نعثر في أي من الكتب التي بأيدينا على هذا النص، ولعلها الأقباص: جمع قبص والقبص الجماعة من الناس.
(٣) في ابن سعد: إن جبريل نزل على رسول الله وقال: الرأي ما أشار به الحباب.
(٤) أنظر دلائل البيهقي ج ٣/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>