للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، ثنا محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال - حين التقى القوم - اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة. فكان هو المستفتح وكذا ذكره ابن إسحاق في السيرة ورواه النسائي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري (١)، ورواه الحاكم من حديث الزهري أيضا ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وقال الأموي حدثنا أسباط بن محمد القرشي عن عطية عن مطرف في قوله: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) قال: قال أبو جهل: اللهم [اعن] أعز الفئتين، وأكرم القبيلتين، وأكثر الفريقين. فنزلت: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) [الأنفال: ٧] قال أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ ذلك أهل المدينة فخرجوا ومعهم رسول يريدون العير، فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا إليها لكيلا يغلب عليها النبي وأصحابه فسبقت العير رسول الله وكان الله قد وعدهم إحدى الطائفتين، وكانوا يحبون أن يلقوا العير، وسار رسول الله بالمسلمين يريد القوم، وكره القوم مسيرهم لشوكة القوم. فنزل النبي والمسلمون، وبينهم وبين الماء رملة دعصة فأصاب المسلمون ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم كذا (٢)! فأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فاذهب الله عنهم رجز الشيطان فصار الرمل لبدا (٣) ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم وأيد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة. فكان


الاستفتاح: طلب النصر، وكان للمسلمين، وقد بان الامر للكفار وانكشف الحق لهم. وفي ذلك ثلاثة أقوال:
أ - يكون خطابا للكفار، لأنهم استفتحوا - قول أبي جهل - فقالوا: اللهم أقطعنا الرحم. وقول النضر: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء .. فقتل يوم بدر. قال القاضي: إذا حملنا الفتح على البيان والحكم والقضاء فقد يراد به الكفار.
ب - يكون خطابا للمؤمنين: أي إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وفتح الله عليكم. قال القاضي: وهذا القول أولى لان قوله (فقد جاءكم النصر) لا يليق إلا بالمؤمنين.
ج - يحتمل كونه خطابا للمؤمنين، ثم للكفار وهو توعده لهم إن عادوا إلى الايقاع بالمسلمين والتعدي عليهم نعد إلى مثل بدر.
قال القشيري: والصحيح أنه خطاب للكفار. وقاله الحسن ومجاهد والسدي.
(أنظر تفسير الرازي ج ١٥/ تفسير الآية)
(٢) في رواية أن بعضهم كانوا محدثين من الاحتلام.
(٣) في رواية البيهقي: كدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>