كتاب البداية والنهاية - ت شيري

كتاب المغازي - مقتل أبي جهل لعنه الله - ج: 3 - ص: 355

الْحَدِيدَةِ، فَقَاتَلَ بِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ ذَلِكَ السَّيف يُسَمَّى: الْعَوْنَ.

ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ يَشْهَدُ بِهِ الْمَشَاهِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قَتَلَهُ طُلَيْحَةُ الْأَسَدِيُّ أَيَّامَ الرِّدَّةِ، وَأَنْشَدَ طُلَيْحَةُ فِي ذَلِكَ قَصِيدَةً مِنْهَا قَوْلُهُ: عَشِيَّةَ غَادَرْتُ ابْنَ أَقْرَمَ ثَاوِيًا * وَعُكَّاشَةَ الْغَنْمِيَّ عِنْدَ مَجَالِ (١) وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ طُلَيْحَةُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعُكَّاشَةُ هُوَ الَّذِي قَالَ حِينَ بشَّر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجنَّة بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ: " اللَّهم اجْعَلْهُ مِنْهُمْ " وَهَذَا الحديث مخرج في الصِّحاح والحسان وغيرهما.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي - " مِنَّا خَيْرُ فَارِسٍ فِي الْعَرَبِ " قَالُوا وَمَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ " عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ " فَقَالَ ضرار بن الأزور: ذَاكَ رَجُلٌ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ لَيْسَ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُ مِنَّا لِلْحِلْفِ.

وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ: حَدَّثَنِي عمر بن عثمان الخشني (٢) عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّتِهِ قَالَتْ: قَالَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ: انْقَطَعَ سَيْفِي يَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا فَإِذَا هُوَ سَيْفٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ، فَقَاتَلْتُ بِهِ حَتَّى هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِدَّةٍ قَالُوا: انْكَسَرَ سَيْفُ سَلَمَةَ بْنِ حَرِيشٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَبَقِيَ أَعْزَلَ لَا سِلَاحَ مَعَهُ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضِيبًا كأنَّ فِي يَدِهِ مِنْ عَرَاجِينِ ابْنِ طَابٍ (٣) فَقَالَ: اضْرِبْ بِهِ فَإِذَا سَيْفٌ جَيِّدٌ فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ (٤) .

ردُّه عَلَيْهِ السَّلَامُ عَيْنَ قَتَادَةَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أحمد [عبد الله] بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا يَحْيَى الحماني ثنا عبد العزيز (٥) بن سليمان بن الغسيل عن عاصم بن عمر بن

---

(١) ابن أقرم: قال ابن هشام: هو ثابت ابن أقرم الانصاري وانظر الخبر في سيرة ابن هشام ٢ / ٢٩٠ ومغازي الواقدي ١ / ٩٣.
(٢) في البيهقي والواقدي: الجحشي.
(٣) ابن طاب: ضرب من الرطب.
وعراجين: جمع عرجون.
والعرجون: العذق أو إذا يبس واعوج.
(٤) من ابن سعد، وفي الاصل أبي عبيدة وهو تحريف.
والخبران في المغازي الواقدي ١ / ٩٣ والبيهقي في الدلائل ٣ / ٩٩ عنه.
- وعكاشة بن محصن بن حُرثان من السابقين الأولين شهد بدرا له ترجمة في الاصابة ٢ / ٤٩٢.
- سلمة بن أسلم بن حريس بن عدي بن مجدعة بن حارثة، يكنى أبا سعد.
شهد بدراً وأُحداً والخندق والمشاهد كلها قتل يوم جسر أبي عبيد سنة ١٤ هـ له ترجمة في ابن سعد ٢ / ٤٤٦.
(٥) في البيهقي: عبد الرحمن.
(*)