للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مبلغ عني الرسول محمدا … بأنك حق والمليك حميد

وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى … عليك من الله العظيم شهيد

وأنت امرؤ بوئت فينا مباءة لها درجات سهلة وصعود

فإنك من حاربته لمحارب … شقي ومن سالمته لسعيد

ولكن إذا ذكرت بدرا وأهله … تأوب ما بي، حسرة وقعود

قلت: ثم إن أبا عزة هذا نقض ما كان عاهد الرسول عليه، ولعب المشركون بعقله فرجع إليهم فلما كان يوم أحد أسر أيضا، فسأل من النبي أن يمن عليه أيضا فقال النبي " لا أدعك تمسح عارضيك وتقول خدعت محمدا مرتين " ثم أمر به فضربت عنقه كما سيأتي في غزوة أحد. ويقال إن فيه قال رسول الله : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " وهذا من الأمثال التي لم تسمع إلا منه .

قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال: جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية في الحجر، بعد مصاب أهل بدر بيسير، وكان عمر بن وهب شيطانا من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله وأصحابه ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر. قال ابن هشام: والذي أسره رفاعة بن رافع أحد بني زريق. قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن جعفر عن عروة: فذكر أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان: والله ما أن في العيش [بعدهم] (١) خير، قال له عمير صدقت، أما والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لي فيهم علة: ابني أسير في أيديهم. قال: فاغتنمها صفوان بن أمية فقال: علي دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شئ ويعجز عنهم. فقال له عمير: فاكتم علي شأني وشأنك، قال: سأفعل. قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشحذ له وسم ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم في عدوهم، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب وقد أناخ على باب المسجد متوشحا السيف. فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر وهو الذي حرش بيننا وحزرنا (٢) للقوم يوم بدر، ثم دخل على رسول الله فقال: يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه. قال: فأدخله علي، قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، وقال لمن كان معه من الأنصار: أدخلوا على رسول الله فأجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله فلما رآه


(١) من ابن هشام.
(٢) حزرنا: أي الذي قدر عدد المسلمين تخمينا يوم بدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>