للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنساء المسلمين (١) ويهجو النبي وأصحابه. وقال موسى بن عقبة: وكان كعب بن الأشرف أحد بني النضير أو فيهم قد آذى رسول الله بالهجاء، وركب إلى قريش فاستغواهم، وقال له أبو سفيان وهو بمكة: أناشدك أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه، وأينا أهدى في رأيك وأقرب إلى الحق؟ إنا نطعم الجزور الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونطعم ما هبت الشمال. فقال له كعب بن الأشرف: أنتم أهدى منهم سبيلا. قال فأنزل الله على رسوله : (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا … أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) [النساء: ٥١ - ٥٢] وما بعدها (٢). قال موسى ومحمد بن إسحاق: وقدم المدينة يعلن بالعداوة ويحرض الناس على الحرب ولم يخرج من مكة حتى أجمع أمرهم على قتال رسول الله وجعل يشبب بأم الفضل بن الحارث وبغيرها من نساء المسلمين. قال ابن إسحاق: فقال رسول الله كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة - من لابن الأشرف؟ فقال له محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل: أنا لك به يا رسول الله أنا أقتله، قال: فافعل إن قدرت على ذلك، قال: فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يعلق نفسه، فذكر ذلك لرسول الله فدعاه فقال له: لم تركت الطعام والشراب؟ فقال يا رسول الله قلت لك قولا لا أدري هل أفي لك به أم لا. قال: إنما عليك الجهد. قال: يا رسول الله، إنه لا بد لنا أن نقول، قال: فقولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك. قال: فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة بن وقش وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل. وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش أحد بني عبد الأشهل، والحارث بن أوس بن معاذ أحد بني عبد الأشهل أبو عبس بن جبر أخو بني حارثة، قال فقدموا بين أيديهم إلى عدو الله كعب سلكان بن سلامة أبا نائلة فجاءه فتحدث معه ساعة فتناشدا شعرا - وكان أبو نائلة يقول الشعر - ثم قال: ويحك يا بن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني، قال أفعل. قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء، عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة، وقطعت عنا السبيل حتى ضاع العيال، وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا. فقال كعب: أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا بن سلامة أن الامر يصير إلى ما أقول، فقال له سلكان: اني قد أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك، قال ترهنوني أبناءكم؟ قال لقد أردت أن تفضحنا، إن معي أصحابا لي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء، وأراد


(١) يروى انه شبب بأم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب فقال في أبيات منها:
أراحل أنت لم ترحل لمنقبة … وتارك أنت أم الفضل بالحرم
(٢) نقله البيهقي في الدلائل عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى ج ٣/ ١٩٠ - ١٩١، والخبر في الدرر لابن عبد البر (١٤٣) وعيون الأثر (١/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>