للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاؤوا بِهَا.

فَقَالَ: إِنَّ فِي الْحَلْقَةِ لَوَفَاءٌ.

قَالَ: فَرَجَعَ سِلْكَانُ إِلَى.

أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا السِّلَاحَ ثُمَّ يَنْطَلِقُوا فَيَجْتَمِعُوا إِلَيْهِ، فَاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَشَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ ثُمَّ وَجَّهَهُمْ وَقَالَ: " انْطَلِقُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ - اللَّهُمَّ أَعِنْهُمْ " ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بيته وهو فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى حِصْنِهِ، فَهَتَفَ بِهِ أَبُو نَائِلَةَ وَكَانَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ فَوَثَبَ فِي مِلْحَفَتِهِ، فَأَخَذْتِ امْرَأَتُهُ بِنَاحِيَتِهَا وَقَالَتْ: أَنْتَ امْرُؤٌ مُحَارَبٌ وَإِنَّ أَصْحَابَ الْحَرْبِ لَا يَنْزِلُونَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، قَالَ: إِنَّهُ أَبُو نَائِلَةَ لَوْ وَجَدَنِي نَائِمًا مَا أَيْقَظَنِي.

فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ فِي صَوْتِهِ الشَّرَّ.

قَالَ: يَقُولُ لَهَا كَعْبٌ لَوْ دُعِيَ الْفَتَى لِطَعْنَةٍ أَجَابَ، فَنَزَلَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُمْ سَاعَةً وَتَحَدَّثُوا مَعَهُ ثُمَّ قَالُوا: هَلْ لَكَ يَا بن الأشرف أن تتماشى إِلَى شِعْبِ الْعَجُوزِ فَنَتَحَدَّثُ بِهِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هذه؟ قال إن شئتم.

فخرجوا فَمَشَوْا سَاعَةً.

ثُمَّ إِنَّ أَبَا نَائِلَةَ

شَامَ بده (يَدَهُ) فِي فَوْدِ رَأْسِهِ ثُمَّ شَمَّ يَدَهُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ طِيبًا أَعْطرَ قَطُّ، ثُمَّ مَشَى سَاعَةً ثُمَّ عَادَ لِمِثْلِهَا حَتَّى اطْمَأَنَّ ثُمَّ مَشَى سَاعَةً ثُمَّ عَادَ لِمِثْلِهَا فأخذ بفودي رأسه ثم قال: اضربوا عدوا اللَّهِ! فَاخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُهُمْ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَذَكَرْتُ مِغْوَلًا (١) فِي سَيْفِي فَأَخَذْتُهُ وَقَدْ صَاحَ عَدُوُّ اللَّهِ صَيْحَةً لَمْ يَبْقَ حَوْلَنَا حِصْنٌ إِلَّا أُوقِدَتْ عَلَيْهِ نَارٌ، قَالَ فَوَضَعَتْهُ فِي ثُنَّتِهِ ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغْتُ عَانَتَهُ فَوَقْعَ عَدُوُّ اللَّهِ وَقَدْ أُصيب الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ (٢) بِجُرْحٍ فِي رجله أو في رأسه أصابه بعض سيوفنا، قَالَ فَخَرَجْنَا حَتَّى سَلَكْنَا عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ عَلَى بُعَاثٍ حَتَّى أَسْنَدْنَا فِي حَرَّةِ الْعُرَيْضِ وَقَدْ أَبْطَأَ عَلَيْنَا صَاحِبُنَا الْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ وَنَزْفَهُ الدَّمُ فَوَقَفْنَا لَهُ سَاعَةً ثُمَّ أَتَانَا يَتْبَعُ آثَارَنَا فَاحْتَمَلْنَاهُ فَجِئْنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ وَتَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جُرْحِ صَاحِبِنَا وَرَجَعْنَا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود بوقعتنا بِعَدُوِّ اللَّهِ فَلَيْسَ بِهَا يَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَزَعْمَ الواقدي أنهم جاؤوا بِرَأْسِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَغُودِرَ منهم كعب صريعا * فذلت بعد مصرعه النضير عَلَى الْكَفَّيْنِ ثُمَّ وَقَدْ عَلَتْهُ * بِأَيْدِينَا مُشَهَّرَةٌ ذُكُورُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ إِذْ دَسَّ لَيْلًا * إِلَى كعب أخا كعب يسير فما كره فَأَنْزَلَهُ بِمَكْرٍ * وَمَحْمُودٌ أَخُو ثِقَةٍ جَسُورُ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ فِي يَوْمِ بَنِي النَّضِيرِ سَتَأْتِي.

قُلْتُ: كَانَ قتل


(١) مغولا: حديدة دقيقة لها حد ماض (شرح على المواهب اللدنية ٢ / ١٥) .
(٢) في رواية موسى بن عقبة: أن الذي أصيب هو عباد بن بشر، وهو أيضا في رواية جابر بن عبد الله (انظر دلائل البيهقي.
ودرر ابن عبد البر) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>