للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأزم عليها بِفِيهِ.

فَاسْتَخْرَجَ إِحْدَى الْحَلْقَتَيْنِ، وَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ مَعَ الْحَلْقَةِ، وَذَهَبْتُ لِأَصْنَعَ مَا صَنَعَ فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي.

قَالَ: فَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ الْأُخْرَى مَعَ الْحَلْقَةِ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ هَتْمًا (١) .

فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْجِفَارِ، فَإِذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ مِنْ بَيْنِ طعنة ورمية وضربة [أو أقل أو أكثر] (٢) وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ (٣) .

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يَقُولُ شَهِدْتُ أُحُدًا فَنَظَرْتُ إِلَى النَّبْلِ تَأْتِي مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَهَا، كُلُّ ذَلِكَ يَصْرِفُ عَنْهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عبد الله بن شهاب الزهري يومئذ يَقُولُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ ما معه أحد، فجاوزه، فَعَاتَبَهُ فِي ذَلِكَ صَفْوَانُ بْنُ أميَّة، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ، أَحْلِفُ بِاللَّهِ إِنَّهُ مِنَّا مَمْنُوعٌ خَرَجْنَا أَرْبَعَةٌ (٤) فَتَعَاهَدْنَا وَتَعَاقَدْنَا عَلَى قَتْلِهِ فلم نخلص إليه (٥) .

قال الواقدي: ثبت عندي أَنَّ الَّذِي رَمَى فِي وَجْنَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ قَمِئَةَ، وَالَّذِي رَمَى فِي شَفَتِهِ وَأَصَابَ رَبَاعِيَتَهُ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَحْوُ هَذَا وَأَنَّ الرَبَاعِيَةَ الَّتِي كُسِرَتْ لَهُ عليه السلام هِيَ الْيُمْنَى السُّفْلَى.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عمَّن حدَّثه عَنْ سَعْدِ بن أبي وقاص قال: [والله] مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ أَحَدٍ قَطُّ مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وإن كان ما علمت لسئ الْخُلُقِ مُبَغَّضًا فِي قَوْمِهِ، وَلَقَدْ كَفَانِي فِيهِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ

رَسُولِهِ ".

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بن أبي وقاص حِينَ كَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ، وَدَمَّى وَجْهَهُ فَقَالَ " اللَّهم لا يحول عَلَيْهِ الْحَوْلَ حَتَّى يَمُوتَ كَافِرًا " فَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ حَتَّى مَاتَ كَافِرًا إِلَى النَّارِ (٦) .

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحسن، حدثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بن حرب عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاوَى وَجْهَهُ يَوْمَ أُحُدٍ بِعَظْمٍ بالٍ.

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَأَيْتُهُ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْمَغَازِي لِلْأُمَوِيِّ فِي وَقْعَةِ أُحد.

وَلَمَّا نال


(١) الهتم: كسر الثنايا من أصلها.
(٢) من رواية البيهقي.
(٣) الحديث في دلائل البيهقي ٣ / ٢٦٣ من طريق يونس بن حبيب، ورواه ابن حبان عن عائشة والصالحي في السيرة الشامية من ابن حبان والطيالسي ٤ / ٢٩٥.
(٤) وهم: عبد الله بن شهاب، وعتبة بن أبي وقاص، وابن قميئة، وأُبي بن خلف.
(٥) الخبر في الواقدي ج ١ / ٢٣٧.
(٦) الخبر في تفسير عبد الرزاق عن مقسم، ورواه أبو نعيم من وجه آخر عن ابن عباس، ونقله عنهما الصالحي في السيرة الشامية ٤ / ٢٩٤ ونقله البيهقي عنه في الدلائل ٣ / ٢٦٥.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>