للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أرخص لهم في ذلك لما بالمسلمين من الجراح التي يشق معها أن يحفروا لكل واحد واحد ويقدم في اللحد أكثرهما أخذا للقرآن وكان يجمع بين الرجلين المتصاحبين في اللحد الواحد كما جمع بين عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر وبين عمرو بن الجموح لأنهما كانا متصاحبين ولم يغسلوا بل تركهم بجراحهم ودمائهم. كما روى ابن إسحاق: عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن رسول الله لما انصرف عن القتلى يوم أحد قال: أنا شهيد على هؤلاء أنه ما من جريح يجرح في سبيل الله إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه اللون لون دم والريح ريح مسك. قال: وحدثني عمي موسى بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال أبو القاسم : ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجرحه يدمى اللون لون الدم والريح ريح المسك وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير هذا الوجه. وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله يوم أحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود وقال ادفنوهم بدمائهم وثيابهم. رواه أبو داود وابن ماجة من حديث علي بن عاصم به. وقال الإمام أبو داود في سننه: حدثنا القعنبي، أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن حميد بن هلال، عن هشام بن عامر أنه قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله يوم أحد فقالوا قد أصابنا قرح وجهد فكيف تأمر؟ فقال: احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر الواحد. قيل: يا رسول الله فأيهم يقدم؟ قال: أكثرهم قرآنا. ثم رواه من حديث الثوري عن أيوب عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر فذكره: وزاد واعمقوا (١). قال ابن إسحاق: وقد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم بها ثم نهى رسول الله عن ذلك وقال: ادفنوهم حيث صرعوا (٢). وقد قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، حدثنا عبد الله وعتاب، حدثنا عبد الله، حدثنا عمر بن سلمة بن أبي يزيد المديني، حدثني أبي سمعت جابر بن عبد الله يقول: استشهد أبي بأحد فأرسلني إخواني إليه بناضح لهن فقلن: اذهب فاحتمل أباك على هذا الجمل فادفنه في مقبرة بني سلمة. فقال فجئته وأعوان لي فبلغ ذلك نبي الله وهو جالس بأحد فدعاني فقال: والذي نفسي بيده لا يدفن إلا مع إخوته فدفن مع أصحابه بأحد. تفرد به أحمد. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الأسود بن قيس، عن نبيح، عن جابر بن عبد الله: أن قتلى أحد حملوا من مكانهم فنادى منادي النبي أن ردوا القتلى إلى مضاجعهم (٣). وقد رواه أبو داود والنسائي من حديث الثوري والترمذي من حديث شعبة


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب في تعميق الحفر ح ٣٢١٥ وح ٣٢١٦ و ٣٢١٧ وأخرجه الترمذي ح ١٧١٣ وقال حسن صحيح.
(٢) الخبر في سيرة ابن هشام ٣/ ١٠٣.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٢٩٧ وأبو داود في الجنائز باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله ٤/ ٢١٥. وأخرجه النسائي في الجنائز، باب أين يدفن الشهيد ٤/ ٧٩. وابن ماجة في الجنائز باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>