للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) .

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَالنَّسَائِيُّ عن إسحاق بن رَاهْوَيْهِ كِلَاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ، قُلْتُ: بَلْ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (١) .

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا بَهْزٌ وَحَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ.

عَمِّي (قَالَ هَاشِمٌ: أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ) سُمِّيتُ بِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بِدْرٍ.

قَالَ فَشَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم غبت عنه، ولئن أَرَانِي اللَّهُ مَشْهَدًا فِيمَا بَعْدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليرينَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ.

قَالَ فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا، فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ فَاسْتَقْبَلَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ: يَا أَبَا عَمْرٍو أَيْنَ؟ وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ.

قَالَ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتل فَوُجِدَ فِي جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ.

قَالَ فَقَالَتْ أُخْتُهُ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ: فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ.

وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب: ٢٣] قَالَ فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ.

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَزَادَ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بِهِ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ أَخُو بَنِي جمُح قَدْ حَلَفَ وَهُوَ بِمَكَّةَ لِيَقْتُلْنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا بلغتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلْفَتُهُ قَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَقْبَلَ أُبَيٌّ فِي الْحَدِيدِ مُقَنَّعًا وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا مُحَمَّدٌ.

فَحَمَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ قَتْلَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يَقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ فَقُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْقُوَةَ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ مِنْ فُرْجَةٍ بَيْنَ سَابِغَةِ الدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ فطعنه فيها بالحربة فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ عَنْ فَرَسِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ طَعْنَتِهِ دَمٌ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ فَاحْتَمَلُوهُ وَهُوَ يَخُورُ خُوار الثَّوْرِ فَقَالُوا لَهُ: مَا أَجْزَعَكَ؟ إِنَّمَا هُوَ خَدْشٌ.

فَذَكَرَ لَهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَقْتُلُ أُبَيًّا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي

بِيَدِهِ لَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي بِي بِأَهْلِ ذِي الْمَجَازِ لَمَاتُوا أَجْمَعُونَ فَمَاتَ إِلَى النَّارِ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ (١) .

وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ نَحْوَهُ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَسْنَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ أدركه أبي بن خلف وهو يقول: [أي محمد] (٣) لانجوت إِنْ نجوتَ.

فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أيعطف عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوه! فلمَّا دنا منه تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبَةَ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ - كَمَا ذُكر لِي - فَلَمَّا أَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتفض انْتِفَاضَةً، تَطَايَرْنَا عَنْهُ تَطَايُرَ الشَّعْرِ عَنْ ظَهْرِ البعير إذا


(١) رواه البخاري في ٥٦ كتاب الجهاد ١٢ باب ح ٢٨٠٥.
وأخرجه مسلم عن أنس في ٣٣ كتاب الامارة ٤١ باب ح ١٤٨.
(٢) تقدم الحديث عن موسى بن عقبة في سياق كيف كانت الوقعة، والخبر رواه البيهقي في الدلائل ج ٣ / ٢٥٨.
(٣) من ابن هشام.
ج ٣ / ٨٩.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>