للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرم ليقتله، واجتمع رهط من قريش فيهم: أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل: أنشدك بالله يا زيد، أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، واني جالس في أهلي. قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا قال: ثم قتله نسطاس. قال: وأما خبيب بن عدي: فحدثني عبد الله ابن أبي نجيح، أنه حدث عن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب، وكانت قد أسلمت، قالت: كان عندي خبيب حبس في بيتي فلقد اطلعت عليه يوما وأن في يده لقطفا من عنب، مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم في أرض الله عنبا يؤكل. قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي نجيح أنهما قالا: قالت: قال لي حين حضره القتل: ابعثي إلي بحديدة أتطهر بها للقتل. قالت: فأعطيت غلاما من الحي الموسى، فقلت له: أدخل بها على هذا الرجل البيت، فقالت فوالله ان هو إلا أن ولى الغلام بها إليه، فقلت: ماذا صنعت! أصاب والله الرجل وثأره يقتل هذا الغلام، فيكون رجلا برجل، فلما ناوله الحديدة أخذها من يده ثم قال: لعمرك، ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي. ثم خلى سبيله. قال ابن هشام: ويقال إن الغلام ابنها (١). قال ابن إسحاق: قال عاصم: ثم خرجوا بخبيب حتى جاءوا به إلى التنعيم ليصلبوه، وقال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، قالوا: دونك فاركع، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال: أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة. قال: فكان خبيب أو (أول) من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين (٢)


(١) قيل هو أبو حسين بن الحارث بن عدي بن نوفل بن عبد مناف (شرح المواهب اللدنية) وفي الواقدي: أبي حسين ابن ماوية. (مغازي ١/ ٣٥٨).
(٢) يوجد على الهامش في هذا المكان ما نصه: " حاشية بخط المصنف، قال السهيلي: وإنما صارت سنة لأنها فعلت في زمن النبي واستحسنت من صنيعه، قال وقد صلاها زيد بن حارثة في حياة النبي ثم ساق بإسناده من طريق أبي بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين عن يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد قال: بلغني أن زيد بن حارثة استأجر من رجل بغلا من الطائف واشترط عليه الكرى أن ينزله حيث شاء، فمال به إلى خربة فإذا بها قتلى كثيرة، فلما هم بقتله قال له زيد: دعني حتى أصلي ركعتين. فقال: صل ركعتين فطالما صلى هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، قال: فصليت ثم جاء ليقتلني فقلت: يا أرحم الراحمين، فإذا صارخ يقول لا تقتله، فهاب وذهب ينظر فلم ير شيئا، ثم جاء ليقتلني فقلت: يا أرحم الراحمين، فسمع أيضا الصوت يقول: لا تقتله، فذهب لينظر ثم جاء، فقلت: يا أرحم الراحمين، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة في رأسها شعلة من نار فطعنه بها حتى أنفذه فوقع ميتا، ثم قال: لما دعوت الله في المرة الأولى كنت في السماء السابعة ولما دعوته في المرة الثانية كنت في السماء الدنيا ولما دعوته في الثالثة أتيتك. قال السهيلي: وقد صلاها حجر بن عدي ابن الأدبر حين حمل إلى معاوية من العراق ومعه كتاب زياد ابن أبيه وفيه انه خرج عليه وأراد خلعه، وفي الكتاب شهادة جماعة من التابعين منهم الحسن وابن سيرين، فلما دخل على معاوية قال، السلام عليك يا أمير المؤمنين. قال أو أنا أمير المؤمنين؟ وأمر بقتله فصلى ركعتين قبل قتله ثم قتله . قال: وقد عاتبت عائشة معاوية في قتله فقال إنما قتله من شهد عليه، ثم قال: دعيني وحجرا فإني سألقاه على الجادة يوم القيامة، قالت: فأين ذهب عنك حلم أبي سفيان؟ قال: حين غاب مثلك من قومي. اه. من الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>