للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت وما أقدمك؟ فان صدقتني نفعك الصدق وإن كذبتني فقد اطلعت على ما هممت به. قال العربي فأنا آمن؟ قال وأنت آمن. فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له فأمر به فحبس عند أسيد بن حضير ثم دعا به من الغد فقال قد أمنتك فاذهب حيث شئت، أو خير لك من ذلك قال وما هو فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك أنت رسول الله، والله يا محمد ما كنت أفرق من الرجال فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي. وضعفت (١) ثم اطلعت على ما هممت به فما سبقت به الركبان، ولم يطلع عليه أحد، فعرفت أنك ممنوع، وأنك على حق وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان. فجعل النبي يتبسم وأقام أياما ثم استأذن النبي فخرج من عنده ولم يسمع له بذكر. وقال رسول الله لعمرو بن أمية الضمري ولسلمة بن أسلم بن حريس (٢) أخرجا حتى تأتيا أبا سفيان بن حرب فإن أصبتما منه غرة فاقتلاه. قال عمرو فخرجت أنا وصاحبي حتى أتينا بطن يأجج فقيدنا بعيرنا، وقال لي صاحبي: يا عمرو هل لك في أن نأتي مكة فنطوف بالبيت سبعا، ونصلي ركعتين فقلت [أنا أعلم باهل مكة منك إنهم إذا أظلموا رشوا أفنيتهم ثم جلسوا بها و] (٣) اني أعرف بمكة من الفرس الأبلق. فأبى علي فانطلقنا فأتينا مكة فطفنا أسبوعا (٤) وصلينا ركعتين فلما خرجت لقيني معاوية بن أبي سفيان فعرفني وقال: عمرو بن أمية وا حزناه. فنذر (٥) بنا أهل مكة فقالوا ما جاء عمرو في خير. وكان عمرو فاتكا في الجاهلية. فحشد أهل مكة وتجمعوا، وهرب عمرو وسلمة وخرجوا في طلبهما واشتدوا في الجبل. قال عمرو: فدخلت في غار، فتغيبت عنهم حتى أصبحت وباتوا يطلبوننا في الجبل، وعمى الله عليهم طريق المدينة أن يهتدوا له فلما كان ضحوة الغد أقبل عثمان بن مالك بن عبيد الله التميمي يختلي لفرسه حشيشا فقلت لسلمة بن أسلم: إذا أبصرنا أشعر بنا أهل مكة، وقد انفضوا عنا فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا، قال فخرجت إليه فطعنته طعنة تحت الثدي بخنجري فسقط وصاح، فاجتمع أهل مكة فأقبلوا بعد تفرقهم [ورجعت إلى مكاني فدخلت فيه] (٦) وقلت لصاحبي لا تتحرك، فأقبلوا حتى أتوه وقالوا من قتلك؟ قال: عمرو بن أمية الضمري. فقال أبو سفيان: قد علمنا أنه لم يأت لخير. ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا فإنه كان بآخر رمق فمات، وشغلوا عن طلبنا بصاحبهم فحملوه، فمكثنا ليلتين في مكاننا حتى [سكن


(١) في البيهقي: وضعفت نفسي.
(٢) في الأصل حريش، وهو تحريف، وما أثبتناه من شرح المواهب ٢/ ١٧٨.
(٣) سقط من الأصل واستدركت من تاريخ الطبري ٣/ ٣٢ وفي البيهقي: وأنا أعرف أهل مكة إنهم أمسوا انفجعوا بأفنيتهم.
(٤) كذا في الأصول والطبري، وفي البيهقي: سبعا وهو مناسب أكثر.
(٥) في الطبري: فتبادرنا، وفي البيهقي: فنيد بنا.
(٦) من الطبري، وفي البيهقي: ودخلت الغار.

<<  <  ج: ص:  >  >>