للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وقد أسلم فيما بعد ذلك:

أحسان إنا يا ابن آكلة الفغا … وجدك نغتال الخروق كذلك (١)

خرجنا وما تنجو اليعافير بيننا … ولو وألت منا بشد مدارك

إذا ما انبعثنا من مناخ حسبته … مد من أهل الموسم المتعارك (٢)

أقمت على الرس النزوع تريدنا … وتتركنا في النخل عند المدارك

على الزرع تمشي خيلنا وركابنا … فما وطئت ألصقنه بالدكادك

أقمنا ثلاثا بين سلع وفارع … بجرد الجياد والمطي الرواتك (٣)

حسبتم جلاد القوم عند فنائكم (٤) … كمأخذكم بالعين أرطال آنك

فلا تبعث الخيل الجياد وقل لها … على نحو قول المعصم المتماسك

سعدتم بها وغيركم كان أهلها … فوارس من أبناء فهر بن مالك

فإنك لا في هجرة إن ذكرتها … ولا حرمات دينها أنت ناسك (٥)

قال ابن هشام: تركنا منها أبياتا لاختلاف قوافيها، وقد ذكر موسى بن عقبة عن الزهري وابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله استنفر الناس لموعد أبي سفيان وانبعث المنافقون في الناس يثبطونهم فسلم الله أولياءه، وخرج المسلمون صحبة رسول الله إلى بدر وأخذوا معهم بضائع، وقالوا: إن وجدنا أبا سفيان وإلا اشترينا من بضائع موسم بدر ثم ذكر نحو سياق ابن إسحاق في خروج أبي سفيان إلى مجنة ورجوعه وفي مقاولة الضمري، وعرض النبي المنابذة فأبى ذلك (٦). قال الواقدي: خرج رسول الله إليها في ألف وخمسمائة من أصحابه واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة. وكان خروجه إليها في مستهل ذي القعدة يعني سنة أربع، والصحيح قول ابن إسحاق أن ذلك في شعبان من هذه السنة الرابعة ووافق قول موسى بن عقبة أنها في شعبان لكن قال في سنة ثلاث وهذا وهم فإن هذه تواعدوا إليها من أحد وكانت أحد في شوال سنة ثلاث كما تقدم والله أعلم. قال الواقدي: فأقاموا ببدر مدة الموسم الذي كان يعقد فيها ثمانية أيام فرجعوا وقد ربحوا من الدرهم درهمين (٧). وقال غيره: فانقلبوا كما


(١) الغفا: التمر، وقيل: هو غبرة تعلو التمر قبل أن يطيب. نغتال: نقطع. الخروق: القفار.
(٢) المدمن: الموضع الذي ينزلون فيه فيتركون به الدمن، أي آثار الدواب والإبل، وأرواثها وبعارها.
(٣) سلع وقارع: جبلان.
(٤) في ابن هشام: قبابهم، وفي طبقات الشعراء: حول بيوتكم.
(٥) وتروى: ولا حرمات الدين أنت بناسك.
(٦) نقل الخبر البيهقي في الدلائل ٣/ ٣٨٥ و ٣٨٦. والدرر في اختصار المغازي والسير (ص: ١٦٨).
(٧) مغازي الواقدي: ١/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>