للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّالَّةِ؟ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ بتعمُّد الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْوَى عَنْهُ لِبِدْعَتِهِ وَدُعَائِهِ إِلَيْهَا.

وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحيحين مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

فَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ (١) هَاهُنَا طُرُقًا لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ عِدَّةِ أَمَاكِنَ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ (٢) فَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ (٣) فَعَلِقَ بِهَا سَيْفُهُ.

قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَدْعُونَا فَأَجَبْنَاهُ، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رسول صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ.

فقال: من يمنعك مني؟ قلت: الله.

مشام (٤) السَّيْفَ وَجَلَسَ، وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بذات الرقاع، وكنا إذا أتينا على الشجرة ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فأخذ سيف رسول الله فَاخْتَرَطَهُ وَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخَافُنِي؟ قَالَ: لَا.

قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مني؟ قال: الله يمنعني منك، قال: فهدده أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ.

قَالَ: وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.

وَقَدْ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ عَنْ أَبَانٍ بِهِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ: إِنَّ اسْمَ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ.

وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم محارب وغطفان (٥) بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرة، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ، وَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: اللَّهُ، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السيف.

وَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقَالَ كُنْ خَيْرَ آخِذٍ.

قَالَ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: لَا.

وَلَكِنْ أُعَاهِدُكَ عَلَى أَنْ لا أقاتلك، ولا أكون


(١) تناول البيهقي قصة غورث في دلائل النبوة في باب عصمة الله عزوجل رسوله صلَّى الله عليه وسلم عما هم بن غورث بن الحارث من قتله وكيفية صلاته في الخوف ج ٣ / ٣٧٣.
(٢) العضاه: شجر عظيم الشوك، شوكه كالطلح، والعوسج.
(٣) في البيهقي: سمرة.
(٤) شام: كلمة من الاضداد تعني إذا سل سيفه وإذا أغمده، والمراد هنا: أغمده.
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي ٣١ باب غزوة ذات الرِّقاع فتح الباري ٧ / ٤٢٦ ورواه مسلم في ٤٣
كتاب الفضائل (٤) باب ح ١٣ وح ١٤.
(٥) في البيهقي: محارب خصفه بنخل.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>