للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برسول الله خمصا شديدا. فأخرجت لي جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها فطحنت ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله فقالت: لا تفضحني برسول الله وبمن معه، فجئته فساررته فقلت: يا رسول الله ذبحت بهيمة لنا، وطحنت صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك. فصاح رسول الله فقال: يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سؤرا فحيهلا بكم، فقال رسول الله لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجئ. فجئت وجاء رسول الله يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك. فقلت: قد فعلت الذي قلت. فأخرجت لنا عجينا فبسق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبسق وبارك ثم قال: ادع خبازة فلتخبز معك، واقدحي من برمتك ولا تنزلوها وهم ألف، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وان برمتنا لتغط كما هي، وان عجيننا كما هو. ورواه مسلم عن حجاج بن الشاعر عن أبي عاصم به نحوه (١). وقد روى محمد بن إسحاق هذا الحديث وفي سياقه غرابة من بعض الوجوه فقال: حدثني سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله قال: عملنا مع رسول الله في الخندق وكانت عندي شويهة غير جد سمينة، قال: فقلت والله لو صنعناها لرسول الله قال وأمرت امرأتي فطحنت لنا شيئا من شعير فصنعت لنا منه خبزا وذبحت تلك الشاة، فشويناها لرسول الله فلما أمسينا وأراد رسول الله الانصراف عن الخندق قال: وكنا نعمل فيه نهارا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا فقلت: يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا، وصنعنا معها شيئا من خبز هذا الشعير، فانا أحب أن تنصرف معي إلى منزلي قال وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله وحده. قال: فلما أن قلت ذلك قال: نعم ثم أمر صارخا فصرخ: أن انصرفوا مع رسول الله إلى بيت جابر بن عبد الله، قال: قلت إنا لله وإنا إليه راجعون. قال: فأقبل رسول الله وأقبل الناس معه، فجلس وأخرجناها إليه، قال: فبرك وسمى الله تعالى ثم أكل، وتواردها الناس، كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صدر أهل الخندق عنها. والعجب أن الإمام أحمد إنما رواه من طريق سعيد بن ميناء عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق عنه عن جابر مثله سواء. قال محمد بن إسحاق وحدثني سعيد بن ميناء أنه قد حدث أن ابنة لبشير بن سعد، أخت النعمان بن بشير قالت: دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي، ثم قالت: أي بنية اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما. قالت: فأخذتها، وانطلقت بها، فمررت برسول الله وأنا


(١) رواه البيهقي في الدلائل ج ٣/ ٤٢٥، والبخاري في ٥٦ كتاب الجهاد، وفي المغازي ٢٩ باب غزوة الخندق، ومسلم في ٢٦ كتاب الأشربة ٢٠ باب ح ١٤١. والحاكم في المستدرك ٣/ ٣١ وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
- الخمص: ضمور البطن من الجوع.
السؤر: يروى بالهمزة، وبتركها. وهي لفظة فارسية. وبالهمز: البقية. وبدونه: الطعام الذي يدعى إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>