للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاحَةَ وَهُوَ يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا * وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا * وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا * وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا ثُمَّ يُمَدُّ صَوْتَهُ بِآخِرِهَا.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بن عبد ان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن الفضل البجلي (١) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ فِي الْخَنْدَقِ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ وَبِهِ هُدينا * وَلَوْ عبد نا غَيْرَهُ شَقِينَا يَا حَبَّذَا رَبًّا وحبَّ دِينًا (٢) وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُمْ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ: " اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَةِ، فَأَصْلِحِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةَ " وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ أَحَادِيثُ بلغتني، من الله فيها عِبْرَةٌ فِي تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْقِيقِ نُبُوَّتِهِ، عَايَنَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ.

فَمِنْ ذَلِكَ: أنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ كُدْيَة (٣) ، فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَفَلَ فِيهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ، ثُمَّ نَضَحَ الْمَاءَ عَلَى تِلْكَ الْكُدْيَةِ، فَيَقُولُ مَنْ حَضَرَهَا: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحق [نبياً] (٤) لَانْهَالَتْ حَتَّى عَادَتْ كَالْكَثِيبِ مَا تَرُدُّ فَأْسًا وَلَا مِسْحَاةً.

هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ مُنْقَطِعًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ جَابِرًا فَقَالَ: أنا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدْيًة شديدة فجاؤا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالُوا هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ، فَقَالَ: أَنَا نَازِلٌ.

ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ وَلَبِثْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا فَأَخَذَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ (٥) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي رَأَيْتُ


(١) في دلائل البيهقي: البلخي.
(٢) كذا في الاصل والسيرة الشامية ٤ / ٥١٧ وفي دلائل النبُّوة للبيهقي ٣ / ٤١٤: فأحب ربا وأحب دينا (٣) الكدية: القطعة الصلبة من الأرض لا يعمل فيها المعول، وهي كالصخرة العظيمة.
(٤) من ابن هشام.
(٥) في البخاري: أهثم، وأهيل: رمل يسيل لا يتماسك.
فتح الباري ج ٧ / ٣١٧ كتاب المغازي.
قال ابن حجر: (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>