للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حديث الأعمش عن إبراهيم بن يزيد التيمي عن أبيه قال: كنا عند حذيفة فقال له رجل: لو أدركت رسول الله قاتلت معه وأبليت، فقال له حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله ليلة الأحزاب في ليلة ذات ريح شديدة وقر، فقال رسول الله ألا رجل يأتيني بخبر القوم، يكون معي يوم القيامة؟ [فسكتنا] (١) فلم يجبه منا أحد، ثم الثانية ثم الثالثة مثله. ثم قال: يا حذيفة قم فأتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم، فقال [اذهب] ائتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي. قال: فمضيت كأنما أمشي في حمام (٢) حتى أتيتهم، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد قوسي، وأردت أن أرميه، ثم ذكرت قول رسول الله : لا تذعرهم علي، ولو رميته لأصبته، فرجعت كأنما أمشي في حمام، فأتيت رسول الله فأصابني البرد حين رجعت وقررت، فأخبرت رسول الله وألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أبرح نائما حتى الصبح، فلما أن أصبحت، قال رسول الله : قم يا نومان (٣)!

وقد روى الحاكم والحافظ البيهقي في الدلائل هذا الحديث مبسوطا من حديث عكرمة بن عمار، عن محمد بن عبد الله الدؤلي (٤) عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا. فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود: وأبو سفيان ومن معه فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا منها في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة، ما يرى أحدنا أصبعه فجعل المنافقون يستأذنون النبي ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، ويأذن لهم ويتسللون ونحن ثلاثمائة ونحو ذلك، إذا استقبلنا رسول الله . رجلا، رجلا حتى أتى علي وما علي جنة من العدو، ولا من البرد، إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي فقال: من هذا؟ فقلت: حذيفة، فقال حذيفة! فتقاصرت للأرض فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم، فقمت، فقال: إنه كائن في القوم خبر، فأتني بخبر القوم. قال: وأنا من أشد الناس فزعا وأشدهم قرا. قال: فخرجت، فقال رسول الله " اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته " قال: فوالله ما خلق الله فزعا ولا قرأ في جوفي إلا خرج من جوفي، فما أجد فيه شيئا. قال: فلما وليت، قال:


(١) من صحيح مسلم.
(٢) كأنما أمشي في حمام: أي انه لم يجد من البرد الذي يجده الناس، ولا من تلك الريح الشديدة مشيئا بل عافاه الله، ببركة إجابته للنبي فيما وجهه إليه.
(٣) صحيح مسلم: في ٣٢ كتاب الجهاد ٣٦ باب غزوة الأحزاب ح ٩٩.
(٤) في البيهقي: محمد بن عبيد أبي قدامة الحنفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>