للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها ثم أرادوا أن يقوموا، فقال: اجلسوا فإن من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج. فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا (١). قلت: فلعل عمرو بن العاص لما رأى عمرو بن أمية خارجا من عند النجاشي بعد الخندق إنما كان في قضية أم حبيبة فالله أعلم. لكن قال الحافظ البيهقي: ذكر أبو عبد الله بن منده أن تزويجه بأم حبيبة كان في سنة ست وان تزويجه بأم سلمة كان في سنة ست وأربع. قلت وكذا قال خليفة وأبو عبيد الله معمر بن المثنى وابن البرقي وأن تزويج أم حبيبة كان في سنة ست وقال بعض الناس سنة سبع. قال البيهقي هو أشبه. قلت قد تقدم تزويجه بأم سلمة في أواخر سنة أربع وأما أم حبيبة فيحتمل أن يكون قبل ذلك ويحتمل أن يكون بعده وكونه بعد الخندق أشبه لما تقدم من ذكر عمر بن العاص أنه رأى عمرو بن أمية عند النجاشي فهو في قضيتها والله أعلم. وقد حكى الحافظ ابن الأثير في الغابة: عن قتادة أن أم حبيبة لما هاجرت من الحبشة إلى المدينة خطبها رسول الله وتزوجها. وحكى عن بعضهم أنه تزوجها بعد إسلام أبيها بعد الفتح واحتج هذا القائل بما رواه مسلم: من طريق عكرمة بن عمار اليماني، عن أبي زميل سماك بن الوليد، عن ابن عباس أن أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاث أعطنيهن. قال: نعم. قال: تؤمرني على أن أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: نعم. قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك. قال: نعم. قال: وعندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها. الحديث بتمامه. قال ابن الأثير وهذا الحديث مما أنكر على مسلم، لان أبا سفيان لما جاء يجدد العقد (٢) قبل الفتح دخل على ابنته أم حبيبة فثنت عنه فراش النبي فقال والله ما أدري أرغبت بي عنه أو به عني؟ قالت بل هذا فراش رسول الله وأنت رجل مشرك. فقال والله لقد أصابك بعدي يا بنية شر وقال ابن حزم هذا الحديث وضعه عكرمة بن عمار وهذا القول منه لا يتابع عليه. وقال آخرون أراد أن يجدد العقد لما فيه بغير إذنه من الغضاضة عليه. وقال بعضهم لأنه اعتقد انفساخ نكاح ابنته باسلامه. وهذه كلها ضعيفة والأحسن في هذا أنه أراد أن يزوجه ابنته الأخرى عمرة لما رأى في ذلك من الشرف له واستعان بأختها أم حبيبة كما في الصحيحين وانما وهم الراوي في تسميته أم حبيبة وقد أوردنا لذلك خبرا مفردا. قال أبو عبيد القاسم بن سلام توفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وقال أبو بكر بن أبي خيثمة توفيت قبل معاوية لسنة وكانت وفاة معاوية في رجب سنة ستين.


(١) الخبر في دلائل البيهقي ج ٣/ ٤٦٢.
(٢) يريد عقد هدنة الحديبية وليس عقد النكاح، والخبر في ابن سعد عن الزهري ٨/ ٩٩. وروى ابن سعد معارضا تزويجها بعد الفتح: لما بلغ أبا سفيان بن حرب نكاح النبي بابنته قال: ذلك الفحل لا يقدع أنفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>