للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم (١) قال: فقال رسول الله يا ويح قريش! قد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الاسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش، فوالله لا أزال أجاهد على هذا الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة، ثم قال: من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها؟. قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رجلا من أسلم قال: أنا يا رسول الله فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب، فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على المسلمين فأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي، قال رسول الله [للناس] (٢): قولوا نستغفر الله ونتوب إليه، فقالوا ذلك! فقال: والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها. قال ابن شهاب. فأمر رسول الله الناس فقال: اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمض، في طريق يخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة. قال: فسلك الجيش ذلك الطريق، فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم، ركضوا راجعين إلى قريش. وخرج رسول الله حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته، فقال الناس: خلات فقال: ما خلات وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة. لا تدعوني قريش اليوم إلى خطه يسألوني فيها صلة الرحم ألا أعطيتهم إياها. ثم قال للناس: انزلوا. قيل له يا رسول الله ما بالوادي ماء ينزل عليه. فأخرج سهما من كنانته، فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه. فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن. قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم: أن الذي نزل في القليب بسهم رسول الله ناجية بن جندب سائق بدن رسول الله . قال ابن إسحاق: وقد زعم بعض أهل العلم: أن البراء بن عازب كان يقول: أنا الذي نزلت بسهم رسول الله فالله أعلم أي ذلك كان. ثم استدل ابن إسحاق للأول أن جارية من الأنصار جاءت البئر وناجية أسفله يميح فقالت:

يا أيها المائح دلوي دونكا … إني رأيت الناس يحمدونكا

يثنون خيرا ويمجدونكا

فأجابها فقال:

قد علمت جارية يمانية … أني أنا المائح واسمي ناجية

وطعنة ذات رشاش واهية … طعنتها عند صدور العادية

قال الزهري في حديثه: فلما اطمأن رسول الله أتاه بديل بن ورقاء، في رجال من خزاعة، فكلموه وسألوه ما الذي جاء به؟ فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا، وإنما جاء زائرا


(١) كراع الغميم: موضع بين مكة والمدينة، وهو واد أمام عسفان بثمانية أميال.
(٢) من ابن هشام

<<  <  ج: ص:  >  >>