للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا. قال أبو وائل وصدق وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وفدا لهم قالوا لا تكن كوافد عاد وهكذا رواه الترمذي عن عبد ين حميد بن زيد بن الحباب به ورواه النسائي من حديث سلام أبي المنذر عن عاصم بن بهدلة، ومن طريقه رواه ابن ماجة. وهكذا أورد هذا الحديث وهذه القصة عند تفسير هذه القصة غير واحد من المفسرين كابن جرير وغيره * وقد يكون هذا السياق لاهلاك عاد الآخرة، فإن فيما ذكره ابن إسحاق وغيره ذكر لمكة، ولمن تبن إلا بعد إبراهيم الخليل حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل فنزلت جرهم عندهم كما سيأتي وعاد الأولى قبل الخليل وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى، لا يشبه كلام المتقدمين. وفيه أن في تلك السحابة شرر نار، وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح صرصر. وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من أئمة التابعين هي الباردة والعاتية الشديدة الهبوب (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما) [الحاقة: ٧] أي كوامل متتابعات … قيل كان أولها الجمعة وقيل الأربعاء (فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) شبههم بأعجاز النخل التي لا رؤس لها وذلك لان الريح كانت تجئ إلى أحدهم فتحمله فترفعه في الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس كما قال (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر) [القمر: ١٩] أي في يوم نحس عليهم مستمر عذابه عليهم (تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر) [القمر: ٢٠] ومن قال إن اليوم النحس المستمر هو يوم الأربعاء وتشاءم به لهذا الفهم فقد أخطأ وخالف القرآن فإنه قال في الآية الأخرى (فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات) [فصلت: ١٦] ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات فلو كانت نحسات في أنفسها لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشؤمة وهذا لا يقوله أحد وإنما المراد في أيام نحسات أي عليهم وقال تعالى (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) [الذاريات: ٤١] أي التي لا تنتج خيرا فإن الريح المفردة لا تنثر سحابا ولا تلقح شجرا بل هي عقيم لا نتيجة خير لها ولهذا قال (ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم) [الذاريات: ٤٢] أي كالشئ البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالكلية … وقد ثبت في الصحيحين من حديث شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس عن رسول الله أنه قال: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " (١) … وأما قوله تعالى (واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) [الأحقاف: ٢١] فالظاهر أن عادا هذه هي عاد الأولى فإن سياقها شبيه بسياق قوم هود وهم الأولى. ويحتمل أن يكون المذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية. ويدل عليه ما ذكرنا وما سيأتي


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١٥/ ٢٦/ ١٠٣٥ الفتح; وفي أكثر من رواية ورواه مسلم في صحيحه ٩/ ٤/ ١٧ وأحمد في مسنده ١/ ٢٣ - ٣٢٤ - ٣٤١ - ٣٥٥ - ٣٧٣.
قال ابن حجر: الصبا يقال لها القبول لأنها تقابل الكعبة لان مهبها من مشرق الشمس، والدبور ضد الصبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>