للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله قد قطع عينا من المشركين وإلا تركنا لهم محروبين. قال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت لا نريد قتل أحد ولا حرب فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه. قال امضوا على اسم الله. هكذا رواه هاهنا ووقف ولم يزد شيئا على هذا.

وقال في كتاب الشهادات (١): حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر أخبرني الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا: خرج رسول الله زمن الحديبية حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش، وسار النبي حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال الناس: حل حل (٢)، فألحت. فقالوا: خلات القصواء (٣) خلات القصواء، فقال رسول الله : ما خلات القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فوثبت، فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه [الناس] (٤) تبرضا فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله العش، فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال بجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة - وكانوا عيبة نصح رسول الله من أهل تهامة - فقال، إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. فقال النبي إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا، وان هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي (٥) ولينفذن أمر الله. قال بديل: سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتى أتى قريشا فقال: إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يقول قولا، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال


(١) كذا في الأصل، وهو تحريف، وقد أخرجه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد.
(٢) حل حل: كلمة تقال للناقة إذا تركت السير.
(٣) القصواء: الزرقاني: القصو: قطع طرف الاذن. قال الداودي: انها كانت لا تسبق.
(٤) تبرض الماء: قال الخليل في العين: جمعه بالكفين. وقال في الصحاح: برض الماء من العين إذا خرج وهو قليل. وفي البخاري: تبرضه الناس.
(٥) السالفة: صفحة العنق، وهما سالفتان من جانبيه، وكنى بانفراد هما عن الموت لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت (النهاية).

<<  <  ج: ص:  >  >>