للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هشام: واستعمل على المدينة عويف بن الأضبط الدئلي (١) ويقال لها عمرة القصاص لأنهم صدوا رسول الله في ذي القعدة في الشهر الحرام من سنة ست فاقتص رسول الله منهم فدخل مكة في ذي القعدة في الشهر الحرام الذي صدوه فيه من سنة سبع، بلغنا عن ابن عباس أنه قال: فأنزل الله تعالى في ذلك (والحرمات قصاص) وقال معتمر بن سليمان عن أبيه في مغازيه لما رجع رسول الله من خيبر أقام بالمدينة وبعث سراياه حتى استهل ذي القعدة فنادى في الناس أن تجهزوا للعمرة فتجهزوا وخرجوا إلى مكة.

وقال ابن إسحاق: وخرج معه المسلمون ممن كان صد معه في عمرته تلك، وهي سنة سبع، فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه، وتحدثت قريش بينها أن محمدا في عسرة وجهد وشدة. قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن عباس قال: صفوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه فلما دخل رسول الله المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى ثم قال: " رحم الله امرءا أراهم اليوم من نفسه قوة " ثم استلم الركن ثم خرج يهرول ويهرول أصحابه معه حتى إذا واراه البيت منهم واستلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف ومشى سائرها فكان ابن عباس يقول: كان الناس يظنون أنها ليست عليهم. وذلك أن رسول الله إنما صنعها لهذا الحي من قريش للذي بلغه عنهم حتى حج حجة الوداع فلزمها فمضت السنة بها. وقال البخاري ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد - هو ابن زيد - عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قدم رسول الله وأصحابه فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وقد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم النبي أن يرملوا الأشواط الثلاث وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الابقاء عليهم. قال أبو عبد الله ورواه أبو سلمة - يعني حماد بن سلمة - عن أيوب عن سعيد عن ابن عباس قال: لما قدم النبي لعامهم الذي استأمن قال " ارملوا ليرى المشركون قوتكم " والمشركون من قبل قعيقعان. ورواه مسلم عن أبي الربيع الزهراني عن حماد بن زيد وأسند البيهقي طريق حماد بن سلمة (٢). وقال البخاري (٣) ثنا علي بن عبد الله، ثنا سفيان، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، سمع ابن أبي أوفى يقول: لما اعتمر رسول الله سترناه من غلمان المشركين ومنهم أن يؤذوا رسول الله وسيأتي بقية الكلام على هذا المقام.

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله حين دخل مكة في


(١) في ابن سعد: استعمل على المدينة أبا رهم الغفاري.
(٢) الحديث أخرجه البخاري في (٢٥) كتاب الحج (٥٥) باب الحديث (١٦٠٢). ومسلم في ١٥ كتاب الحج ٢٩ باب (ح: ٢٤٠) والنسائي في المغازي وأبو داود في سننه ٢/ ١٧٨.
(٣) فتح الباري ٧/ ٥٠٨ الحديث رقم ٤٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>