للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في أمرته، فقال رسول الله فقال " ان تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان لخليقا للامارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وأن هذا لمن أحب الناس إلى بعده " وأخرجاه في الصحيحين عن قتيبة عن إسماعيل - هو ابن جعفر بن أبي كثير المدني - عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر فذكره ورواه البخاري من حديث موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه. ورواه البزار من حديث عاصم بن عمر عن عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر ثم استغربه من هذا الوجه، وقال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا عمر بن إسماعيل، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: لما أصيب زيد بن حارثة وجئ بأسامة بن زيد وأوقف بين يدي رسول الله فدمعت عينا رسول الله فأخر ثم عاد من الغد فوقف بين يديه فقال " ألاقي منك اليوم ما لقيت منك أمس " وهذا الحديث فيه غرابة والله أعلم. وقد تقدم في الصحيحين أنه لما ذكر مصابهم وهو فوق المنبر جعل يقول " أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب. ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها سيف من سيوف الله ففتح الله عليه " قال وإن عينيه لتذرفان، وقال وما يسرهم أنهم عندنا. وفي الحديث الآخر أنه شهد لهم بالشهادة فهم ممن يقطع لهم بالجنة. وقد قال حسان بن ثابت يرثي زيد بن حارثة وابن رواحة:

عين جودي بدمعك المنزور … واذكري في الرخاء أهل القبور

واذكري مؤتة وما كان فيها … يوم راحوا في وقعة التغوير

حين راحوا وغادروا ثم زيدا … نعم مأوى الضريك والمأسور (١)

حب خير الأنام طزا جميعا … سيد الناس حبه في الصدور

ذاكم أحمد الذي لا سواه … ذاك حزني له معا وسروري

إن زيدا قد كان منا بأمر … ليس أمر المكذب المغرور

ثم جودي للخزرجي بدمع … سيدا كان ثم غير نزور (٢)

قد أتانا من قتلهم ما كفانا … فبحزن نبيت غير سرور

وأما جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم فهو ابن عم رسول الله وكان أكبر من أخيه علي بعشر سنين، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أسن من عقيل بعشر سنين، أسلم جعفر قديما وهاجر إلى الحبشة وكانت له هناك مواقف مشهورة، ومقامات محمودة، وأجوبة سديدة، وأحوال رشيدة، وقد قدمنا ذلك في هجرة الحبشة ولله الحمد، وقد قدم على رسول الله يوم خيبر فقال عليه


(١) الضريك: الفقير.
(٢) الخزرجي: يقصد عبد الله بن رواحة. والبيت ليس في الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>