للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروم حين اشتوروا في ذلك وشجع نفسه أيضا حتى نزل بعدما قتل صاحباه، وقد شهد له رسول الله بالشهادة فهو ممن يقطع له بدخول الجنة. ويروى أنه لما أنشد النبي شعره حين ودعه الذي يقول فيه:

فثبت الله ما آتاك من حسن … تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا

قال له رسول الله " وأنت فثبتك الله " قال هشام بن عروة: فثبته الله حتى قتل شهيدا ودخل الجنة. وروى حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: أن عبد الله ابن رواحة أتى رسول الله وهو يخطب فسمعه يقول " اجلسوا " فجلس مكانه خارجا من المسجد حتى فرغ الناس من خطبته، فبلغ ذلك النبي فقال " زادك الله حرصا على طواعية الله وطواعية رسوله " وقال البخاري في صحيحه: وقال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة. وقد ورد الحديث المرفوع في ذلك عن عبد الله بن رواحة بنحو ذلك. فقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، عن عمارة، عن زياد النحوي، عن أنس قال: كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحابه يقول: تعال نؤمن بربنا ساعة، فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل فجاء فقال: يا رسول الله ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة! فقال النبي " رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة " وهذا حديث غريب جدا. وقال البيهقي: ثنا الحاكم ثنا أبو بكر، ثنا محمد بن أيوب، ثنا أحمد بن يونس ثنا شيخ من أهل المدينة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار: أن عبد الله بن رواحة قال لصاحب له: تعال حتى نؤمن ساعة، قال أو لسنا بمؤمنين؟ قال بلى ولكنا نذكر الله فنزداد إيمانا. وقد روى الحافظ أبو القاسم اللالكائي (١) من حديث أبي اليمان عن صفوان بن سليم عن شريح بن عبيد أن عبد الله بن رواحة كان يأخذ بيد الرجل من أصحابه فيقول: قم بنا نؤمن ساعة فنجلس في مجلس ذكر. وهذا مرسل من هذين الوجهين وقد استقصينا الكلام على ذلك في أول شرح البخاري ولله الحمد والمنة. وفي صحيح البخاري عن أبي الدرداء قال: كنا مع رسول الله في سفر في حر شديد وما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة ، وقد كان من شعراء الصحابة المشهورين، ومما نقله البخاري من شعره في رسول الله :

وفينا رسول الله نتلوا كتابه … إذا انشق معروف من الفجر ساطع


(١) هو هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ الفقيه، محدث بغداد، قال الخطيب كان يحفظ ويفهم صنف كتابا في السنة - وكتابا في رجال الصحيحين، عاجلته المنية، خرج إلى الدينور مات في رمضان سنة ٤١٨ هـ. (انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٨٣ - شذرات الذهب ٣/ ٢١١) وفي الأصل اللاكائي، ولم نجده فيما بأيدينا من مراجع وأثبتنا ما في تذكرة الحفاظ، وفي اللباب اللكي نسبة إلى اللك بلدة من نواحي برقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>