للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حبسناهم في دارة العبد رافع … وعند بديل محبسا غير طائل

بدار الذليل الآخذ الضيم بعدما … شفينا النفوس منهم بالمناصل

حبسناهم حتى إذا طال يومهم … نفخنا لهم من كل شعب بوابل

نذبحهم ذبح التيوس كأننا … أسود تباري فيهم بالقواصل

هم ظلمونا واعتدوا في مسيرهم … وكانوا لدى الأنصاب أول قاتل

كأنهم بالجزع إذ يطردونهم … قفا ثور حفان النعام الجوافل (١)

قال فأجابه بديل بن عبد مناة بن سلمة بن عمرو بن الأجب (٢) وكان يقال له بديل بن أم أصرم فقال:

تعاقد قوم يفخرون ولم ندع … لهم سيدا يندوهم غير نافل

أمن خيفة القوم الأولى تزدريهم … تجيز الوتير خائفا غير آيل

وفي كل يوم نحن نحبو حباءنا … لعقل ولا يحبى لنا في المعاقل

ونحن صبحنا بالتلاعة (٣) داركم … بأسيافنا يسبقن لوم العواذل

ونحن منعنا بين بيض وعتود … إلى خيف رضوى من مجر القبائل

ويوم الغميم قد تكفت ساعيا … عبيس فجعناه بجلد حلاحل (٤)

أإن أجمرت في بيتها أم بعضكم … بجعموسها تنزون إن لم نقاتل (٥)

كذبتم وبيت الله ما إن قتلتموا … ولكن تركنا أمركم في بلابل

قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي سلمة أن رسول الله قال " كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم يشد في العقد ويزيد في المدة " قال ابن إسحاق: ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله فأخبروه بما أصيب منهم ومظاهرة قريش بني بكر عليهم، ثم انصرفوا راجعين حتى لقوا أبا سفيان بعسفان، قد بعثته قريش إلى رسول الله يشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا للذي صنعوا، فلما لقي أبو سفيان بديلا قال من أين أقبلت يا بديل؟ وظن أنه قد أتى رسول الله فقال: سرت في خزاعة في هذا الساحل، في بطن هذا الوادي. قال: فعمد أبو سفيان إلى مبرك ناقته، فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى فقال:


(١) قفا ثور: ثور: جبل بمكة وقفاه وراءه. وتروى فاثور: موضع بنجد.
(٢) في الاستيعاب: الأخنس. وقال في نسبه: هو أحد المنسوبين إلى أمهاتهم، وهو بديل بن سلمة بن خلف بن عمرو بن الأخنس بن مقياس بن حبتر بن عدي بن سلول بن كعب الخزاعي.
(٣) من ابن هشام، وفي الأصل بالبلاغة دارهم. والتلاعة: ماء لبني كنانة بالحجاز.
(٤) تكفت: حاد عن طريقه. والجلد: القوي. الحلاحل: السيد.
(٥) الجعموس: العذرة. أجمرت: رمت به بسرعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>