للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له رسول الله: " أنت فعلت هذا وقومك إن هؤلاء صدقوني، إذ كذبتموني ونصروني إذ أخرجتموني " ثم شكى إليه قول سعد بن عبادة حين مر عليه فقال: يا أبا سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة. فقال رسول الله: " كذب سعد بل هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة " وذكر عروة أن أبا سفيان لما أصبح صبيحة تلك الليلة التي كان عند العباس ورأى الناس يجنحون للصلاة وينتشرون في استعمال الطهارة خاف وقال للعباس ما بالهم؟ قال إنهم سمعوا النداء فهم ينتشرون للصلاة، فلما حضرت الصلاة ورآهم يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده قال: يا عباس ما يأمرهم بشئ إلا فعلوه؟ قال: نعم والله لو أمرهم بترك الطعام والشراب لأطاعوه. وذكر موسى بن عقبة عن الزهري أنه لما توضأ رسول الله جعلوا يتكففون، فقال يا عباس ما رأيت كالليلة ولا ملك كسرى وقيصر (١). وقد روى الحافظ البيهقي: عن الحاكم وغيره، عن الأصم، عن أحمد بن الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس فذكر هذه القصة بتمامها كما أوردها زياد البكائي عن ابن إسحاق منقطعة فالله أعلم. على أنه قد روى البيهقي: من طريق أبي بلال الأشعري عن زياد البكائي، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: جاء العباس بأبي سفيان إلى رسول الله قال فذكر القصة إلا أنه ذكر أنه أسلم ليلته قبل أن يصبح بين يدي رسول الله ، وأنه لما قال له رسول الله " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " قال أبو سفيان وما تسع داري؟ فقال " ومن دخل الكعبة فهو آمن " قال وما تسع الكعبة؟ فقال " ومن دخل المسجد فهو آمن " قال وما يسع المسجد فقال " ومن أغلق عليه بابه فهو آمن " فقال أبو سفيان: هذه واسعة. وقال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل، ثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه قال: لما سار رسول الله عام الفتح فبلغ ذلك قريشا خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، يلتمسون الخبر عن رسول الله فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه كأنها نيران عرفة؟ فقال بديل بن ورقاء نيران بني عمرو، فقال أبو سفيان عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله فأسلم أبو سفيان فلما سار قال للعباس " احبس أبا سفيان عند خطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين " فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر مع رسول الله تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة فقال يا عباس من هذه؟ قال هذه غفار قال: مالي ولغفار، ثم مرت جهينة فقال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك، ومرت سليم فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها فقال من هذه؟ قال هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية،


(١) رواية عروة نقلها البيهقي في الدلائل ج ٥/ ٣٨. ورواية ابن عقبة أخرجها ابن عبد البر في الدرر (٢١٧) ونقلها عنه البيهقي في الدلائل ج ٥/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>