للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُكَ؟ قَالَ: فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَأَسْلَمَ، قَالَ الْعَبَّاسُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا؟ قَالَ: " نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ " زَادَ عُرْوَةُ: وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَهُوَ آمِنٌ " وَهَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهري " وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ " فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا عَبَّاسُ احْبِسْهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ فَيَرَاهَا " وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَبُدَيْلًا وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ كَانُوا وُقُوفًا مَعَ الْعَبَّاسِ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، وَذَكَرَ أَنَّ سَعْدًا لَمَّا قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ.

الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ، فَشَكَّى أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَزَلَهُ عَنْ رَايَةِ الْأَنْصَارِ وَأَعْطَاهَا الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ (١) فَدَخَلَ بها من أعلا مَكَّةَ وَغَرَزَهَا بِالْحَجُونِ، وَدَخَلَ خَالِدٌ مِنْ أَسْفَلِ (٢) مَكَّةَ فَلَقِيَهُ بَنُو بَكْرٍ وَهُذَيْلٌ فَقُتِلَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عِشْرِينَ (٣) وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً وَانْهَزَمُوا فَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةِ (٤) حَتَّى بَلَغَ قَتْلُهُمْ بَابَ الْمَسْجِدِ قَالَ الْعَبَّاسُ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى حَبَسْتُهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَحْبِسَهُ، قَالَ وَمَرَّتِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا كُلَّمَا مَرَّتْ قَبِيلَةٌ قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ سليم فيقول مالي وَلِسُلَيْمٍ، ثُمَّ تَمُرُّ بِهِ الْقَبِيلَةُ فَيَقُولُ يَا عباس من هؤلاء؟ فأقول مزينة فيقول مالي ولمزينة، حتى نفذت الْقَبَائِلُ مَا تَمُرُّ بِهِ قَبِيلَةٌ إِلَّا سَأَلَنِي عنها، فإذا أخبرته قال مالي وَلِبَنِي فُلَانٍ حَتَّى مرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ وَفِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ

لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ مِنَ الْحَدِيدِ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ص) فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قَالَ: مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قِبَلٍ وَلَا طَاقَةٍ، وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْغَدَاةَ عظيماً! قال: قلت: يأبا سُفْيَانَ إِنَّهَا النُّبُوَّةُ، قَالَ: فَنِعْمَ إِذَنْ، قَالَ قُلْتُ النَّجَاءَ إِلَى قَوْمِكَ، حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ صرخ بأعلا صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ جَاءَكُمْ فِيمَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَامْتُ إِلَيْهِ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، فَأَخَذَتْ بِشَارِبِهِ، فَقَالَتْ: اقْتُلُوا الْحَمِيتَ الدَّسِمَ الْأَحْمَسَ قُبِّحَ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَيْلَكُمْ لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَكُمْ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالُوا: قَاتَلَكَ اللَّهُ وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ؟ قَالَ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ.

فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دَوْرِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ.

وَذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم لَمَّا مرَّ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ لَهُ: إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا كَثِيرَةً لَا أَعْرِفُهَا لَقَدْ كَثُرَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ علي؟


(١) في الواقدي: أن رسول الله عزله وأعطاها ابنه قيس بن سعد، وفي رواية أخرى له، قال: ويقال أن رسول الله أعطاها علياً بن أبي طالب فغرزها عند الركن.
(٢) في الواقدي: من الليط، وهو موضع بأسفل مكة (معجم ما استعجم) .
(٣) في الواقدي: قتل أربعة وعشرين رجلاً من قريش.
(٤) الحزورة: سوق مكة وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه.
(معجم البلدان) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>