للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعثه خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة

قال ابن إسحاق: فحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: بعث رسول الله خالد بن الوليد حين افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا، ومعه قبائل من العرب وسليم بن منصور، ومدلج بن مرة فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة، فلما رآه القوم أخذوا السلاح، فقال خالد: ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا: قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أصحابنا من أهل العلم من بني جذيمة قال: لما أمرنا خالد أن نضع السلاح قال رجل منا يقال له جحدم: ويلكم يا بني جذيمة إنه خالد والله ما بعد وضع السلاح إلا الأسئار، وما بعد الأسئار إلا ضرب الأعناق، والله لا أضع سلاحي أبدا. قال: فأخذه رجال من قومه، فقالوا: يا جحدم أتريد أن تسفك دماءنا؟ إن الناس قد أسلموا ووضعت الحرب. وأمن الناس، فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه، ووضع القوم سلاحهم لقول خالد. قال ابن إسحاق: فقال حكيم بن حكيم عن أبي جعفر قال: فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم، فلما انتهى الخبر إلى رسول الله رفع يديه إلى السماء ثم قال " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله فأخبره الخبر فقال رسول الله " هل أنكر عليه أحد؟ " فقال: نعم قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة فنهمه خالد فسكت عنه، وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر بن الخطاب: أما الأول يا رسول الله فابني عبد الله، وأما الآخر فسالم مولى أبي حذيفة. قال ابن إسحاق: فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر قال: ثم دعا رسول الله علي بن أبي طالب فقال " يا علي، أخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم، واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك " فخرج علي حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله فودى لهم الدماء، وما أصيب لهم من الأموال، حتى أنه ليدي ميلغة الكلب، حتى إذا لم يبق شئ من دم ولا مال إلا وداه، بقيت معه بقية من المال، فقال لهم علي حين فرغ منهم: هل بقي لكم دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا: لا، قال فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله مما لا يعلم ولا تعلمون. ففعل، ثم رجع إلى رسول الله فأخبره الخبر، فقال " أصبت وأحسنت " ثم قام رسول الله فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه حتى إنه ليرى ما تحت منكبيه يقول " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد " ثلاث مرات. قال ابن إسحاق: وقد قال بعض من يعذر خالدا أنه قال: ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي وقال: إن رسول الله قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم من الاسلام. قال ابن هشام: قال أبو عمرو المديني: لما أتاهم خالد بن الوليد قالوا: صبأنا صبأنا (١). وهذه مرسلات ومنقطعات. وقد قال الامام


(١) خبر إرسال خالد إلى جذيمة في سيرة ابن هشام ٤/ ٧٣.
قال ابن سعد في الطبقات: وكانوا بأسفل مكة على ليلة ناحية يلملم في شوال سنة ثمان، وهو يوم الغميصاء، وخرج خالد إليهم في ثلاثمائة وخمسين رجلا، من المهاجرين والأنصار وبني سليم. (٢/ ١٤٧) وفي رواية له: ص ٨٨٤ قال: قتل منهم قريبا من ثلاثين رجلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>