للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة أدم ولم يدع معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي فقال " ما حديث بلغني عنكم؟ " قال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال رسول الله " فإني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به " قالوا: يا رسول الله قد رضينا فقال لهم النبي " فستجدون أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض " قال أنس: فلم يصبروا (١). تفرد به البخاري من هذا الوجه، ثم رواه البخاري ومسلم: من حديث ابن عون (٢) عن هشام بن زيد، عن جده أنس بن مالك قال: لما كان يوم حنين التقى هوازن ومع النبي عشرة آلاف والطلقاء فأدبروا فقال " يا معشر الأنصار " قالوا: لبيك يا رسول الله وسعديك لبيك نحن بين يديك. فنزل رسول الله فقال " أنا عبد الله ورسوله " فانهزم المشركون فأعطى الطلقاء والمهاجرين ولم يعط الأنصار شيئا، فقالوا، فدعاهم فأدخلهم في قبته فقال " أما ترضون أن تذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله؟ " [قالوا بلى] فقال رسول الله " لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ". وفي رواية للبخاري من هذا الوجه قال لما كان يوم حنين أقبلت هوازن وغطفان وغيرهم بن عمهم وذراريهم ومع رسول الله عشرة آلاف والطلقاء، فأدبروا عنه حتى بقي وحده فنادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما، التفت عن يمينه فقال " يا معشر الأنصار؟ " قالوا لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، ثم التفت عن يساره فقال " يا معشر الأنصار؟ " فقالوا لبيك يا رسول الله أبشر نحن معك، وهو على بغلة بيضاء، فنزل فقال: " أنا عبد الله ورسوله " فانهزم المشركون، وأصاب يومئذ مغانم كثيرة فقسم بين المهاجرين والطلقاء. ولم يعط الأنصار شيئا، فقالت الأنصار: إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا فبلغه ذلك فجمعهم في قبة فقال " يا معشر الأنصار، ما حديث بلغني؟ " فسكتوا فقال " يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبون برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم؟ " قالوا: بلى، فقال: " لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ". قال هشام: قلت يا أبا حمزة وأنت شاهد ذلك؟ قال وأين أغيب عنه (٣) ثم رواه البخاري ومسلم أيضا: من حديث شعبة عن قتادة عن أنس قال: جمع رسول الله الأنصار فقال " إن


(١) أخرجه البخاري في ٥٧ كتاب الخمس (١٩) باب. ومسلم في كتاب الزكاة (٤٦) باب. الحديث (١٣٢).
(٢) من البخاري ومسلم وفي الأصل: ابن عوف تحريف.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٥٦) باب غزوة الطائف. ومسلم في الزكاة (٤٦) باب اعطاء المؤلفة قلوبهم الحديث (١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>