للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَنْصُرُوا اللَّاتَ إِنَّ اللَّهَ مُهْلِكُهَا * وَكَيْفَ يُنْصَرُ مَنْ هُوَ لَيْسَ يَنْتَصِرُ إِنَّ الَّتِي حُرِّقَتْ بِالسُّدِّ فَاشْتَعَلَتْ * وَلَمْ تُقَاتِلْ لَدَى أَحْجَارِهَا هَدَرُ إِنَّ الرَّسُولَ مَتَى يَنْزِلْ بِلَادَكُمُ * يَظْعَنْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا بَشَرُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَسَلَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي مِنْ حُنَيْنٍ إِلَى الطَّائِفِ - عَلَى نَخْلَةَ الْيَمَانِيَّةِ (١) ثُمَّ عَلَى قَرْنٍ (٢) ثُمَّ عَلَى المليح (٣) ثم على بحرة الرغاء (٤) من ليلة فَابْتَنَى بِهَا مَسْجِدًا فَصَلَّى فِيهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَقَادَ يَوْمَئِذٍ بِبَحْرَةِ الرُّغَاءِ، حِينَ نَزَلَهَا، بِدَمٍ، وَهُوَ أَوَّلُ دَمٍ أُقِيدَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ قَتَلَ رَجُلًا مَنْ هُذَيْلٍ فَقَتَلَهُ بِهِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِلِيَّةَ بِحِصْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ فَهُدِمَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ سَلَكَ فِي طَرِيقٍ يُقَالُ لَهَا الضَّيِّقَةُ فَلَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا فَقَالَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الطَّرِيقِ؟ فَقِيلَ الضَّيِّقَةُ فَقَالَ بَلْ هِيَ الْيُسْرَى، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا عَلَى نَخِبٍ (٥) حَتَّى نَزَلَ تَحْتَ سِدْرَةٍ يُقَالُ لَهَا الصَّادِرَةُ قَرِيبًا مِنْ مَالِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَمَّا إنَّ تَخْرُجَ إِلَيْنَا وَإِمَّا أَنْ

نُخَرِّبَ عَلَيْكَ حَائِطَكَ، فَأَبَى أَنْ يَخْرُجَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَابِهِ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجْنَا مَعَهُ إِلَى الطَّائِفِ فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله " هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ وَكَانَ مِنْ ثَمُودَ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ " قَالَ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوا مَعَهُ الْغُصْنَ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِهِ.

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ بِهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنَ الطَّائِفِ، فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرَهُ فَقُتِلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالنَّبْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَسْكَرَ اقْتَرَبَ مِنْ حَائِطِ الطَّائِفِ فتأخروا إلى موضع مسجده عليه السلام الْيَوْمَ بِالطَّائِفِ الَّذِي بَنَتْهُ ثَقِيفٌ بَعْدَ إِسْلَامِهَا، بَنَاهُ عَمْرُو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ وَهْبٍ وَكَانَتْ فِيهِ سَارِيَةٌ لَا تَطْلُعُ عَلَيْهَا الشَّمْسُ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ إِلَّا سُمِعَ لَهَا نَقِيضٌ فِيمَا يَذْكُرُونَ، قَالَ فَحَاصَرَهُمْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَالَ ابن هشام ويقال سبع عشرة ليلة،


(١) نخلة اليمانية: واد يصب فيه يدعان وبه مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبه عسكرت هوازن يوم حنين (معجم البلدان) .
(٢) قرن: قرية بينها وبين مكة أحد وخمسون ميلا.
(معجم البلدان) .
(٣) المليح: واد بالطائف (معجم البلدان) .
(٤) بحرة الرغاء: موضع في لية من ديار بني نصر (معجم ما استعجم) .
(٥) نخب: واد بالطائف.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>