للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال " لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها. الأنصار شعار والناس دثار (١)، إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ". ورواه مسلم من حديث عمرو بن يحيى المازني به وقال يونس بن بكير، عن محمد ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال: لما أصاب رسول الله الغنائم يوم حنين وقسم للمتألفين من قريش، وسائر العرب ما قسم ولم يكن في الأنصار منها شئ قليل ولا كثير، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله قومه، فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم؟ فقال " فيم؟ " قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، ولم يكن فيهم من ذلك شئ، فقال رسول الله " فأين أنت من ذلك يا سعد؟ " قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي، قال: فقال رسول الله " فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فإذا اجتمعوا فاعلمني " فخرج سعد فصرخ فيهم فجمعهم في تلك الحظيرة فجاء رجل من المهاجرين فاذن له فدخلوا وجاء آخرون فردهم، حتى إذا لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه فقال: يا رسول الله قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم، فخرج رسول الله فقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " يا معشر الأنصار ألم آتكم ضلالا فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ " قالوا: بلى ثم قال رسول الله " ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟ " قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟ المن لله ولرسوله قال: " والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم جئتنا طريدا فأويناك، وعائلا فآسيناك، وخائفا فأمناك، ومخذولا فنصرناك " فقالوا: المن لله ولرسوله فقال رسول الله " أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الاسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب (٢) الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار (٣)، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار " قال:


(١) قال أهل اللغة: الشعار الثوب الذي يلي الجسد، والدثار فوقه. ومعنى الحديث أن الأنصار هم البطانة والخاصة والأصفياء. وألصق الناس بي من سائر الناس.
(٢) قال الخليل: الشعب هو ما انفرج بين جبلين، وقال ابن السكين، هو الطريق في الجبل.
والمعنى أنه أراد أنه مع الأنصار قال الخطابي: ويحتمل أنه يريد بالشعب - الوادي - أي المذهب.
(٣) قال الخطابي: أراد: تأليف الأنصار واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم. وقال القرطبي: معناه لتسميت باسمكم وانتسبت إليكم لما كانوا يتناسبون بالحلف، لكن خصوصية الهجرة وترتيبها سبقت فمنعت ما سوى ذلك، وهي أعلى وأشرف فلا تبدل بغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>