للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ عُلَالَةَ يَوْمَ بَطْنِ حنينٍ * وَغَدَاةَ أَوْطَاسٍ وَيَوْمَ الْأَبْرَقِ جَمَعَتْ بِإِغْوَاءٍ هَوَازِنُ جَمْعَهَا * فَتَبَدَّدُوا كَالطَّائِرِ الْمُتَمَزِّقِ لَمْ يَمْنَعُوا مِنَّا مَقَامًا وَاحِدًا * إِلَّا جِدَارَهُمُ وَبَطْنَ الْخَنْدَقِ وَلَقَدْ تَعَرَّضْنَا لِكَيْمَا يَخْرُجُوا * فَاسْتَحْصَنُوا مِنَّا بِبَابٍ مُغْلَقِ تَرْتَدُّ حَسْرَانَا إِلَى رجراجةٍ * شَهْبَاءَ تَلْمَعُ بِالْمَنَايَا فَيْلَقِ مَلْمُومَةٍ خضراء لو قذفوا بها * حصناً لَظَلَّ كَأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقِ (١)

مَشْيَ الضِّرَاءِ عَلَى الهراس كأننا * قدر تفرق في القياد ويلتقي فِي كُلِّ سابغةٍ إِذَا مَا اسْتَحْصَنَتْ * كَالنِّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ جدلٍ تَمَسُّ فُضُولُهُنَّ نِعَالَنَا * مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ وَآلِ مُحَرِّقِ (٢) وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَبُو حَفْصٍ، ثنا الفريابي، ثنا أبان ثنا عمرو - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ - ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عن جده صخر - هو أبي الْعَيْلَةِ الْأَحْمَسِيُّ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا ثَقِيفًا فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ صَخْرٌ رَكِبَ فِي خَيْلٍ يُمِدُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُ قَدِ انْصَرَفَ ولم يفتح، فجعل صخر حينئذ عهد وَذِمَّةً لَا أُفَارِقُ هَذَا الْقَصْرَ حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَخْرٌ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ ثَقِيفًا قَدْ نَزَلَتْ عَلَى حُكْمِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا مقبل بهم وهم في خيلي فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً فَدَعَا لِأَحْمَسَ عَشْرَ دَعَوَاتٍ " اللَّهُمَّ بارك لأحمس في خيلها ورجالها ".

وأتى الْقَوْمُ فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ صَخْرًا أَخَذَ عَمَّتِي وَدَخَلَتْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، فَدَعَاهُ فَقَالَ " يَا صَخْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَادْفَعْ إِلَى الْمُغِيرَةِ عَمَّتَهُ " فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ وسأل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءُ لِبَنِي سُلَيَمٍ قَدْ هَرَبُوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَتَرَكُوا ذَلِكَ الْمَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْزِلْنِيهِ أَنَا وَقَوْمِي؟ قَالَ " نَعَمْ " فَأَنْزَلَهُ وَأَسْلَمَ - يعني الأسلميين، فَأَتَوْا صَخْرًا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمُ الْمَاءَ فَأَبَى فَأَتَوْا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْلَمْنَا وَأَتَيْنَا صَخْرًا لِيَدْفَعَ إِلَيْنَا مَاءَنَا فَأَبَى عَلَيْنَا، فَقَالَ " يَا صَخْرُ إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ فَادْفَعْ إِلَيْهِمْ مَاءَهُمْ " قَالَ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ عِنْدَ ذَلِكَ حُمْرَةً حَيَاءً مِنْ أَخْذِهُ الْجَارِيَةَ وَأَخْذِهُ الْمَاءَ.

تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ.

قُلْتُ: وَكَانَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ تَقْتَضِي أَنْ يُؤَخَّرَ الفتح عامئذ ليلا يستأصلوا قتلاً لأنه قد تقدم أنه عليه السلام لَمَّا كَانَ خَرَجَ إِلَى الطَّائف فَدَعَاهُمْ إِلَى الله تعالى وإلى أن يؤووه حتى يبلغ رسالة ربه عزوجل وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ عمِّه أَبِي طَالِبٍ فَرَدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَكَذَّبُوهُ فَرَجَعَ مَهْمُومًا فَلَمْ يَسْتَفِقْ إلا عند


(١) في ابن هشام: حضنا بدل حصنا.
وحضن: اسم جبل بأعلى نجد.
(٢) آل محرق هم آل عمرو بن هند ملك الحيرة (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>