للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى، أخت رسول الله من الرضاعة، قال: فعنفوا عليها في السوق فقالت للمسلمين: تعلمون والله إني لأخت صاحبكم من الرضاعة؟ فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله . قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن عبيد السعدي - هو أبو وجزة - قال: فلما انتهي بها إلى رسول الله قالت: يا رسول الله إني أختك من الرضاعة، قال: " وما علامة ذلك؟ " قالت عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك، قال: فعرف رسول الله العلامة فبسط لها رداءه فأجلسها عليه وخيرها وقال " إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت؟ " قالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي، فمتعها رسول الله وردها إلى قومها، فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول، وجارية، فزوجت أحدهما الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية (١). وروى البيهقي من حديث الحكم بن عبد الملك، عن قتادة قال: لما كان يوم فتح هوازن جاءت جارية إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله أنا أختك أنا شيماء بنت الحارث، فقال لها " إن تكوني صادقة فإن بك مني أثر لا يبلى " قال: فكشف عن عضدها فقالت: نعم يا رسول الله [حملتك] (٢) وأنت صغير فعضضتني هذه العضة، قال: فبسط لها رسول الله رداءه، ثم قال " سلي تعطي واشفعي تشفعي ". وقال البيهقي: أنبأ أبو نصر ابن قتادة، أنبأ عمرو بن إسماعيل بن عبد السلمي ثنا مسلم (٣) ثنا أبو عاصم ثنا جعفر بن يحيى ابن ثوبان أخبرني عمي عمارة بن ثوبان أن أبا الطفيل أخبره قال: كنت غلاما أحمل عضو البعير، ورأيت رسول الله يقسم نعما بالجعرانة، قال: فجاءته امرأة فبسط لها رداءه، فقلت: من هذه؟ قالوا أمه التي أرضعته (٤). هذا حديث غريب ولعله يريد أخته وقد كانت تحضنه مع أمها حليمة السعدية وإن كان محفوظا فقد عمرت حليمة دهرا فان من وقت أرضعت رسول الله إلى وقت الجعرانة أزيد من ستين سنة، وأقل ما كان عمرها حين أرضعته ثلاثين سنة، ثم الله أعلم بما عاشت بعد ذلك، وقد ورد حديث مرسل فيه أن أبو يه من الرضاعة قدما عليه والله أعلم بصحته. قال أبو داود في المراسيل (٥) ثنا أحمد بن سعيد الهمداني، ثنا ابن وهب، ثنا عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه أن رسول الله كان جالسا يوما فجاءه أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه فوضع لها شق


(١) الخبر في سيرة ابن هشام ٤/ ١٠٠ - ١٠١.
(٢) من الدلائل: وانظر. الخبر فيها ج ٥/ ١٩٩ - ٢٠٠.
(٣) في الدلائل: أخبرنا نصر بن قتادة، قال: أنبأنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي، قال: أنبأنا أبو مسلم.
(٤) دلائل البيهقي ٥/ ١٩٩ وأخرجه أبو داود في كتاب الأدب - باب في بر الوالدين ٤/ ٣٣٧. وقال في بذل المجهود (٢٠/ ٨١): هي حليمة السعدية، وبه جزم السيوطي في شرح الترمذي.
(٥) الحديث أخرجه أبو داود في الأدب ٤/ ٣٣٧ الحديث ٥١٤٥ في باب: بر الوالدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>