للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما ترانا إلى حي نفاخرهم … إلا استفادوا وكانوا الرأس تقتطع

فمن يفاخرنا في ذاك نعرفه … فيرجع القوم والاخبار تستمع

إنا أبينا ولم يأبى لنا أحد … إنا كذلك عند الفخر ترتفع

قال ابن إسحاق: وكان حسان بن ثابت غائبا فبعث إليه رسول الله قال: انتهيت إلى رسول الله وقام شاعر القوم فقال ما قال أعرضت في قوله وقلت على نحو ما قال، فلما فرغ الزبرقان قال رسول الله لحسان بن ثابت: " قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال ". فقال حسان:

إن الذوائب من فهر وإخوتهم … قد بينوا سنة للناس تتبع

يرضى بها كل من كانت سريرته … تقوى الاله وكل الخير يصطنع (١)

قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم … أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

سجية تلك منهم غير محدثة … إن الخلائق - فأعلم - شرها البدع

إن كان في الناس سباقون بعدهم … فكل سبق لأدنى سبقهم تبع

لا يرفع الناس ما أوهت أكفهم … عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا

إن سابقوا الناس يوما فاز سبقهم … أو وازنوا أهل مجد بالندى منعوا (٢)

أعفه ذكرت في الوحي عفتهم … لا يطعمون ولا يرديهم طمع

لا يبخلون على جار بفضلهم … ولا يمسهم من مطمع طبع

إذا نصبنا لحي لم ندب لهم … كما يدب إلى الوحشية الذرع (٣)

نسموا إذا الحرب نالتنا مخالبها … إذا الزعانف من أظفارها خشعوا

لا يفخرون إذا نالوا عدوهم … وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع

كأنهم في الوغى والموت مكتنع … أسد بحلية في أرساعها فدع

خذ منهم ما أتوا عفوا إذا غضبوا … ولا يكن همك الامر الذي منعوا

فإن في حربهم - فاترك عداوتهم - … شرا يخاض عليه السم والسلع

أكرم بقوم رسول الله شيعتهم … إذا تفاوتت الأهواء والشيع

أهدى لهم مدحتي قلب يؤازره … فيما أحب لسان حائك صنع

فإنهم أفضل الاحياء كلهم … إن جد في الناس جد القول أو شمعوا (٤)

وقال ابن هشام: وأخبرني بعض أهل العلم بالشعر من بني تميم: أن الزبرقان لما قدم على


(١) رواية العجز في الديوان: تقوى الاله وبالأمر الذي شرعوا.
(٢) في ابن هشام: متعوا.
(٣) الذرع: ولد البقرة الوحشية.
(٤) شمعوا، وتروى سمعوا، قال السهيلي: ضحكوا، ومنها جارية شموع: أي كثيرة الطرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>