للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَذَّنَ بِلَالٌ الظُّهْرَ، والنَّاس يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَعَجِلَ هَؤُلَاءِ فَنَادَوْهُ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ، فَنَزَلَ فِيهِمْ مَا نَزَلَ، ثُمَّ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ خَطِيبَهُمْ وَشَاعِرَهُمْ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَجَازَهُمْ عَلَى كُلِّ رجل اثني عشر أُوقِيَّةٍ وَنَشًّا إِلَّا عَمْرَو بْنَ الْأَهْتَمِ فَإِنَّمَا أُعْطِيَ خَمْسَ أَوَاقٍ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (١) .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَنَزَلَ فِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى * (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) * [الحجرات: ٤] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حدَّثنا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَرْوَزِيُّ، حدَّثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ * (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ) *.

قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ، وَذَمِّي شَيْنٌ.

فَقَالَ: " ذَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ مُتَّصِلٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وقَتَادَةَ مُرْسَلًا عَنْهُمَا، وَقَدْ وَقَعَ تَسْمِيَةُ هَذَا الرَّجُلِ فَقَالَ الإمام أحمد: حدثنا عفاف، ثنا وهب، ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أنَّه نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ، وَفِي رِوَايَةٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُجِبْهُ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ حَمْدِي لَزَيْنٌ، وَإِنَّ ذَمِّي لَشَيْنٌ.

فَقَالَ: " ذَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ".

حَدِيثٌ فِي فَضْلِ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حدَّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ: " هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجال " وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ: " أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ " وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ: " هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمٍ - أَوْ قُومِي - " (٢) وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حرب به.

وهذا حديث يردُّ على قتادة مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْحَمَاسَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ شِعْرٍ من ذمهم حيث يقول: تميمٌ بطرق اللوم أَهْدَى مِنَ القَطَا * وَلَوْ سلكتْ طُرُقَ الرَّشاد لضلَّتِ وَلَوْ أَنَّ بُرْغُوثًا عَلَى ظَهْرِ قملةٍ * رأته تميم من بعيد لولت


(١) الخبر في طبقات ابن سعد ج ١ / ٢٩٣ - ٢٩٤، قال وفيهم أنزل الله تَعَالَى: * (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يعقلون) *.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٦٨) باب الحديث ٤٣٦٦.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>