للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاهليته قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عُرْضِ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ لَفِي النَّارِ، قَالَ: فَلَكَأَنَّهُ وقع حر بين جلدتي وجهي ولحمي مما قال.

لأني على رؤس النَّاس فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَهْلُكُ؟ قَالَ: وَأَهْلِي لَعَمْرُ اللَّهِ، مَا أَتَيْتَ [عَلَيْهِ] (١) مِنْ قَبْرِ عَامِرِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ مِنْ مُشْرِكٍ فَقُلْ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ فَأُبَشِّرُكَ بِمَا يَسُوءُكَ تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ، وَبَطْنِكَ فِي النَّار.

قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا يُحْسِنُونَ إِلَّا إِيَّاهُ وَقَدْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُصْلِحُونَ.

قَالَ: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يبعث فِي آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ - يَعْنِي نَبِيًّا - فَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ.

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَأَلْفَاظُهُ فِي بَعْضِهَا نَكَارَةٌ وَقَدْ أخرجه الحافظ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَعَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ فِي الْعَاقِبَةِ وَالْقُرْطُبِيُّ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ فِي أَحْوَالِ الْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وِفَادَةُ زِيَادِ بن الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أبو أحمد (٢) الاسد اباذي بِهَا أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ] بْنِ مَالِكِ القطيعي [حدثنا: أَبُو عَلِيٍّ: بِشْرُ بْنُ مُوسَى] حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ يحدِّث.

قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدْ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ارْدُدِ الْجَيْشَ وَأَنَا لَكَ بِإِسْلَامِ قَوْمِي وَطَاعَتِهِمْ.

فَقَالَ لِيَ: اذْهَبْ فَرُدَّهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ رَاحِلَتِي قَدْ كلَّت، فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَرَدَّهُمْ.

قَالَ

الصُّدَائِيُّ: وَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ كِتَابًا فَقَدِمَ وَفْدُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: يَا أَخَا صُدَاءٍ! إِنَّكَ لمطاع في قومك، فقلت بل هو الله هداهم للإسلام فقال: " أفلا أومرك عليهم " قلت: بلى يا رسول الله، فَكَتَبَ لِي كِتَابًا أمَّرني.

فَقُلْتُ.

يَا رَسُولَ الله مر لي بشئ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ، قَالَ: نَعَمْ! فَكَتَبَ لِي كِتَابًا آخَرَ.

قَالَ الصُّدَائِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ.

فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم مَنْزِلًا فَأَتَاهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ يَشْكُونَ عاملهم، ويقولون: أخذنا بشئ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

فَقَالَ رسول الله: أَوَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ! فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنَا فِيهِمْ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ، قَالَ الصُّدَائِيُّ: فَدَخَلَ قَوْلُهُ فِي نَفْسِي، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَأَلَ النَّاس عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ ".

فقال السائل: أعطني من الصدقة، فقال رسول الله إِنَّ [اللَّهَ] لَمْ يرضَ فِي الصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ حتَّى حَكَمَ هُوَ فِيهَا، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ


(١) ما وقع بين معكوفتين في الحديث من مسند الإمام أحمد ج ٤ / ١٣، ١٤ (٢) الاسد أبادي واسمه الحسين بن علوش بن محمد بن نصر.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>