للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) *، [التوبة ٣٦ - ٣٧]، ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ولكنه في التحريش بينكم، واتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان (١) لا يملكن لأنفسهن شيئا، وإن لهن عليكم حقا ولكم عليهن حق أن لا يوطئن فرشكم أحد غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لاحد تكرهونه. فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وبسط يده وقال: ألا هل بلغت ألا هل بلغت! ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع. قال حميد قال الحسن حين بلغ هذه الكلمة: قد والله بلغوا أقواما كانوا أسعد به (٢). وقد روى أبو داود في كتاب النكاح من سننه: عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي حرة الرقاشي - واسمه حنيفة - عن عمه ببعضه في النشوز. قال ابن حزم: جاء أنه خطب يوم الرؤوس وهو اليوم الثاني من يوم النحر بلا خلاف عن أهل مكة، وجاء أنه أوسط أيام التشريق فيحتمل على أن أوسط بمعنى أشرف كما قال تعالى … (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)[البقرة: ١٤٣]. وهذا المسلك الذي سلكه ابن حزم بعيد. والله أعلم. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا الوليد بن عمرو بن مسكين، ثنا أبو همام محمد بن الزبرقان، ثنا موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، وصدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر قال: نزلت هذه السورة على رسول الله بمنى وهو في أوسط أيام التشريق في حجة الوداع .... (إذا جاء نصر الله والفتح) … فعرف أنه الوداع فأمر براحلته القصواء (٣) فرحلت له ثم ركب، فوقف الناس بالعقبة فاجتمع إليه ما شاء الله من المسلمين، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم قال: أما بعد أيها الناس، فإن كل دم كان في الجاهلية فهو هدر، وإن أول دمائكم أهدر دم ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل. وكل ربا في الجاهلية فهو موضوع، وإن أول رباكم أضع ربا العباس بن عبد المطلب، أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر منها أربعة حرم رجب - مضر - الذي بين جمادى وشعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم … (ذلك الدين


(١) العواني: الاسرى، جمع عان.
(٢) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ٢٦٥ وقال: رواه أحمد، وأبو حرة الرقاشي وثقه أبو داود وضعفه ابن معين، وفيه علي بن زيد وفيه كلام.
(٣) القصواء: الناقة التي قطع طرف اذنها، ولم تكن ناقة النبي صلى الله عليه وآله قصواء وإنما كان هذا لقبا لها. وقد جاء في الحديث انه كان له: ناقة تسمى العضباء، وأخرى تسمى الجدعاء. وفي حديث آخر صلماء. فيحتمل أن يكون الجميع صفة ناقة واحدة. ويؤيد ذلك ما روي في حديث علي حين بعثه النبي صلى الله عليه وآله يبلغ أهل مكة سورة براءة. فرواه ابن عباس انه ركب ناقته صلى الله عليه وآله القصواء، وفي رواية جابر العضباء وفي رواية غيرهما الجدعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>