للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْمِي الْجِمَارَ فَوَقَفَ.

وَقَالَ: " لِتَأْخُذُوا (١) عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَلَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ عَامِي هَذَا ".

وَقَالَ عليه السلام لابنته فاطمة كم سَيَأْتِي: " إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كل سنة مرة وإنه عارضني به العام مرتين وما أرى ذلك إلا اقتراب أَجَلِي ".

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا (٢) ، وَكَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ في كل رمضان، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ عَرَضَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ (٣) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي ذِي الْحِجَّةَ فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّتَهُ وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرًا وَبَعَثَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَبَيْنَا النَّاس عَلَى ذَلِكَ ابْتُدِئَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلَّم بشكواه الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ إِلَى مَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَكَرَامَتِهِ فِي لَيَالٍ بَقِينَ (٤) مِنْ صَفَرٍ أَوْ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا ابْتُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله مِنْ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ لِي أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَاسْتَغْفَرْ لَهُمْ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر عن عبيد بن جبر (٥) مَوْلَى الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ (٦) مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ هَذَا الْبَقِيعِ فَانْطَلِقْ مَعِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهَرِهِمْ.

قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْمَقَابِرِ، لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ النَّاس فِيهِ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا.

الْآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خزائن الدنيا والخلد فيه، ثُمَّ الْجَنَّةَ، فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ.

قَالَ قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي،

فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ.

قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ.

لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَبُدِئَ بِرَسُولِ اللَّهِ وَجَعُهُ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ.

لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ.

وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ محمد بن


(١) تقدم نص الحديث وفيه: وقال لنا: خذوا عني.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف (١٧) باب الحديث (٢٠٤٤) وأبو داود في الصوم الحديث ٢٤٦٦ وابن ماجة في الصيام (٥٨) باب الحديث (١٧٦٩) .
والدارمي في الصوم.
والامام أحمد في مسنده (٢ / ٣٣٦، ٣٥٥) .
(٣) البخاري في كتاب فضائل القرآن (٧) باب الحديث (٤٩٩٨) (٤) قال الواقدي: لليلتين بقيتا من صفر.
(٥) في ابن هشام: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جبير، وفي الطبري عن ابن إسحاق: عبد الله بن عمر بن علي ... (٦) أبو مُوَيْهِبَةَ: مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله من مولدي مزينة شهد غزوة المريسيع، كان ممن يقود جمل عائشة انظر ترجمة له في الاصابة (٤ / ١٨٨) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>