للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيتي من آخر النهار [فأعرست بها] ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَمَادَى بِهِ وَجَعُهُ فَاسْتُعِزَّ (١) بِهِ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ.

فَقَالَ العبَّاس: إِنَّا لِنَرَى بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم ذَاتَ الْجَنْبِ فَهَلُمُّوا فَلْنَلُدُّهُ، فَلَدُّوهُ (٢) فَأَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: عَمُّكَ العبَّاس تخوَّف أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَهُ عَلَيَّ، لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لَدَدْتُمُوهُ، إِلَّا عَمِّي العبَّاس، فلدَّ أَهْلُ الْبَيْتِ كُلُّهُمْ، حتَّى مَيْمُونَةُ.

وإنها لصائمة يومئذ وَذَلِكَ بِعَيْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فأذنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ بَيْنَ العبَّاس وَرَجُلٌ آخَرُ - لَمْ تُسَمِّهِ - تَخُطُّ قَدَمَاهُ بِالْأَرْضِ [إلى بيت عائشة] .

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ ابْنُ عبَّاس: الرَّجُلُ الآخر علي بن أبي طالب (٣) .

قال الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، ثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ.

أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فأذنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، تَخُطُّ رجلاه الأرض بين عبَّاس قال: ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ.

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عبَّاس - بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ.

فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عبَّاس: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تسمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: لَا! قَالَ ابْنُ عبَّاس: هُوَ عَلِيٌّ، فَكَانَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحدِّث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا دَخَلَ بَيْتِي، وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ.

قَالَ: هَرِيقُوا عليَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاس.

فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْقِرَبِ، حتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وَخَطَبَهُمْ (٤) .

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ صَحِيحِهِ وَمُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ.

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَيْنَ أَنَا غَدًا أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ أَنْ يَكُونَ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حتَّى مَاتَ عِنْدَهَا.

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، وَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ

لَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي.

قَالَتْ: وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ فَقَضَمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فَاسْتَنَّ بِهِ وهو مسند إِلَى صَدْرِي (٥) .

انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا


(١) استعز: استعز به المرض واستعز عليه اشتد وجعه وغلبه على نفسه.
(٢) اللدود: ما يسقاه المريض من الادوية في أحد شقي فمه.
(٣) الحديث في دلائل البيهقي ج ٧ / ١٦٩ - ١٧٠ وما بين معكوفين فيه استدراك من الدلائل.
(٤) رواه البخاري في كتاب المغازي (٨٣) باب الحديث (٤٤٤٢) .
ومسلم في كتاب الصلاة (٢١) باب الحديث (٩٢) .
(٥) البخاري في كتاب المغازي - (٨٣) باب.
الحديث (٤٤٥٠) فتح الباري (٨ / ١٤٤) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>