للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ النَّبيّ لَا يُورَثُ " وَلَكِنِّي أَعُولُ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَعُولُ وَأُنْفِقُ عَلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ.

وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المثنى عن أبي الوليد الطيالسي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أبي هريرة، فذكره بوصل الحديث.

وقال الترمذي حسن صحيح غَرِيبٌ.

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ.

قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَأَنْتَ وَرِثْتَ رسول الله أم أهله؟ فقال: لا بل أهله، فقالت: فَأَيْنَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهُ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ " فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

قَالَتْ: فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ: عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ بِهِ.

فَفِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ غَرَابَةٌ وَنَكَارَةٌ، وَلَعَلَّهُ روي بمعنى ما فهمه بعض الرواة، وفيهم مَنْ فِيهِ تَشَيُّعٌ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ.

وَأَحْسَنُ مَا فِيهِ قَوْلُهَا أَنْتَ وَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، وَهَذَا هُوَ الصواب والمظنون بِهَا، وَاللَّائِقُ بِأَمْرِهَا وَسِيَادَتِهَا وَعِلْمِهَا وَدِينِهَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

وَكَأَنَّهَا سَأَلَتْهُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ زَوْجَهَا نَاظِرًا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يُجِبْهَا إِلَى ذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، فَتَعَتَّبَتْ عَلَيْهِ بسبب ذلك وهي امرأة من بنات آدَمَ تَأْسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةِ الْعِصْمَةِ مَعَ وُجُودِ نَصِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، وَمُخَالَفَةِ أَبِي بَكْرٍ

الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عنها وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: أنه تَرَضَّا فَاطِمَةَ وَتَلَايَنَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَرَضِيَتْ رَضِيَ اللَّهُ عنها.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَتَكِيُّ بِنَيْسَابُورَ، أَنْبَأَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.

قَالَ: لَمَّا مرضت فاطمة أتاها أبو بكر الصديق فاستأدن عَلَيْهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا فَاطِمَةُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ؟ فَقَالَتْ أَتُحِبُّ أَنْ آذَنَ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ! فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَتَرَضَّاهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ الدَّارَ وَالْمَالَ وَالْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَمَرْضَاةِ رَسُولِهِ، وَمَرْضَاتِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ تَرَضَّاهَا حتَّى رَضِيَتْ (١) .

وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عامر الشَّعْبِيَّ سَمِعَهُ مِنْ عَلِيٍّ، أَوْ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ عَلِيٍّ، وَقَدِ اعْتَرَفَ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْبَيْتِ بِصِحَّةِ مَا حَكَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ.

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا ابْنُ دَاوُدَ عَنْ فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ.

قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب: أَمَّا أَنَا فَلَوْ كُنْتُ مَكَانَ أَبِي بَكْرٍ لحكمت بما حكم به أبو بكر في فدك (٢) .


(١) دلائل البيهقي ج ٧ / ٢٨١.
(٢) المصدر السابق والجزء والصفحة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>