للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدٍ الْحَبَشِيِّ، ثُمَّ تزوَّجها بَعْدَهُ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَتُعْرَفُ بِأُمِّ الظِّبَاءِ، قد هَاجَرَتِ الْهِجْرَتَيْنِ (١) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَهِيَ حَاضِنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم مَعَ أُمِّهِ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ وَقَدْ كَانَتْ مِمَّنْ وَرِثَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِيهِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ وَرِثَهَا مِنْ أُمِّهِ، وَقِيلَ بَلْ كَانَتْ لِأُخْتِ خَدِيجَةَ فَوَهَبَتْهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم.

وَآمَنَتْ قَدِيمًا وَهَاجَرَتْ، وتأخرَّت بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَتَقَدَّمَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ زِيَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِيَّاهَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهَا بَكَتْ فَقَالَا لَهَا: أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم؟ فَقَالَتْ: بَلَى، وَلَكِنْ أَبْكِي لِأَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهري قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم حتَّى كَبِرَ، فَأَعْتَقَهَا ثُمَّ زوَّجها زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بِخَمْسَةِ أشهر، وقيل ستة أَشْهُرٍ.

وَقِيلَ إِنَّهَا بَقِيَتْ بَعْدَ قَتْلِ عُمَرَ بن الخطاب.

وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةَ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ الْحَبَشِيَّةُ فَذَكَرَهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ: تُوُفِّيَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عفان.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَأَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُولُ لِأُمِّ أَيْمَنَ " يَا أُمَّهْ " وَكَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا قَالَ " هَذِهِ بَقِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِي ".

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي ".

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: عَنْ أَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ قَالُوا: نَظَرَتْ أُمُّ أَيْمَنَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يشرب فقالت إسقني، فقالت عائشة: أَتَقُولِينَ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم؟ ! فَقَالَتْ: مَا خَدَمْتُهُ أَطْوَلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صَدَقَتْ " فَجَاءَ بِالْمَاءِ فَسَقَاهَا.

وَقَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: لَمَّا هَاجَرَتْ أُمُّ أَيْمَنَ أَمْسَتْ بِالْمُنْصَرَفِ دُونَ الرَّوْحَاءِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَأَصَابَهَا عَطَشٌ شَدِيدٌ حتَّى

جَهَدَهَا، قَالَ فَدُلِّيَ عَلَيْهَا دَلْوٌ مِنَ السَّمَاءِ بِرِشَاءٍ أَبْيَضَ فِيهِ مَاءٌ، قَالَتْ فَشَرِبْتُ فَمَا أَصَابَنِي عَطَشٌ بَعْدُ، وقد تعرضت العطش بالصوم في الْهَوَاجِرِ فَمَا عَطِشْتُ بَعْدُ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، ثنا مسلم بن قتيبة، عن الحسين بن حرب، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ قَالَتْ: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَّارَةٌ يَبُولُ فِيهَا فَكَانَ إِذَا أَصْبَحَ يَقُولُ " يَا أُمَّ أَيْمَنَ صُبِّي مَا فِي الْفَخَّارَةِ " فَقُمْتُ ليلة وأنا عطشى فشربت ما فيها، فقال رسول الله " يَا أُمَّ أَيْمَنَ صُبِّي مَا فِي الْفَخَّارَةِ " فقالت يا رسول الله قُمْتُ وَأَنَا عَطْشَى فَشَرِبْتُ مَا فِيهَا فَقَالَ " إِنَّكَ لَنْ تَشْتَكِي بَطْنَكِ بَعْدَ يَوْمِكِ هَذَا أبداً " (٢) .

قال ابن الأثير في [أُسد] الْغَابَةِ: وَرَوَى حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ


(١) قال ابن حجر: كونها هاجرت إلى أرض الحبشة نظر.
وقال ابن عبد البر في هجرتها: أظن بركة هذه - التي هاجرت - هي أم أيمن، إنما هي بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب هاجرت مع زوجها قيس بن عبد الأسد، وهو ما ذكره ابن اسحاق وابن عقبة في مغازيه وابن سعد.
(٢) ليس لهذه الرواية وأمثالها أي وزن، فهي في حقيقتها منافية وبعيدة عن هدي الرسول وأوامره.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>