للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عثمان كلاهما عن بقية بن الوليد به، وأصل هذا الحديث في الصحيح بنحو من هذا اللفظ … وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة - ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة - قال: جلس جبريل إلى رسول الله فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل، فقال جبريل: إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة، فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك: أفملكا نبيا يجعلك أو عبدا رسولا (١) … هكذا وجدته بالنسخة التي عندي بالمسند مقتصرا وهو من إفراده من هذا الوجه … وثبت في الصحيحين: من حديث ابن عباس، عن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء رسول الله من أزواجه أن لا يدخل عليهن شهرا واعتزل عنهن في علية، فلما دخل عليه عمر في تلك العلية فإذا ليس فيها سوى صبرة من قرظ، وأهبة معلقة، وصبرة من شعير، وإذا هو مضطجع على رمال حصير قد أثر في جنبه، فهملت عينا عمر، فقال: مالك، فقلت: يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه، فجلس محمرا وجهه فقال: أو في شك أنت يا ابن الخطاب؟ ثم قال: أولئك قوم عجلت له طيباتهم في حياتهم الدنيا. وفي رواية لمسلم أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فاحمد الله ﷿، ثم لما انقضى الشهر أمره الله ﷿ أن يخير أزواجه وأنزل عليه قوله:(يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنت تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) * [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩]. وقد ذكرنا هذا مبسوطا في كتابنا التفسير وأنه بدأ بعائشة، فقال لها: إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، وتلا عليها هذه الآية، قالت: فقلت أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وكذلك قال سائر أزواجه ورضي عنهن (٢) … وقال مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أنس قال: دخلت على رسول الله وهو على سرير مزمول بالشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، ودخل عليه عمر وناس من الصحابة فانحرف رسول الله انحرافة، فرأى عمر أثر الشريط في جنبه فبكى، فقال له: ما يبكيك يا عمر؟ قال: ومالي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا، وأنت على الحال الذي أرى، فقال: يا عمر، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قال: بلى، قال: هو كذلك. هكذا رواه البيهقي (٣) … وقال الإمام أحمد: [حدثنا أبو النضر] ثنا مبارك، عن الحسن، عن أنس بن مالك قال: دخلت على رسول الله وهو على سرير مضطجع مزمل بشريط، وتحت قدمي رأسه وسادة من أدم حشوها ليف فدخل عليه نفر من أصحابه، ودخل عمر فانحرف رسول الله انحرافة فلم ير عمر بين جنبه وبين الشريط ثوبا وقد أثر الشريط


(١) وتمامه: قال جبريل: تواضع لربك يا محمد، قال: بل عبدا رسولا.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح فتح الباري ٩/ ٢٧٨. ومسلم في الطلاق حديث ٣٥ ص ١١١٣.
(٣) دلائل البيهقي ١/ ٣٣٧، وانظر الحاشية السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>