للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بني أمية على منابرهم فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ: إنَّما هِيَ دُنْيَا أُعْطُوهَا، فَقَرَّتْ به عَيْنُهُ وَهِيَ قَوْلُهُ: * (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) * [الإسراء: ٦٠] يَعْنِي بَلَاءً للنَّاس.

عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ضَعِيفٌ، وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ أَيْضًا * وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيالسيّ: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ - هو الحدائي - ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَازِنٍ الرَّاسبيّ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَعْدَ مَا بَايَعَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ يَا مسوِّد وُجُوهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: لَا تُؤَنِّبْنِي رَحِمَكَ اللَّهَ، فإنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم رَأَى بَنِي أُمَيَّةَ يَخْطُبُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ رَجُلًا رَجُلًا، فساءه ذلك فنزلت * (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) * - يَعْنِي نَهْرًا فِي الجنَّة - وَنَزَلَتْ: * (إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) * يملكه بَنُو أُمَيَّةَ * قَالَ الْقَاسِمُ: فَحَسْبُنَا ذَلِكَ فَإِذَا هُوَ أَلْفُ شَهْرٍ لَا يَزِيدُ يَوْمًا وَلَا ينقص يوماً (١) * وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبريّ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرِكِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، كلَّهم من حديث القاسم بن الفضل الحذَّاء، وَقَدْ وثَّقه يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القطَّان، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، وَيُقَالُ: يُوسُفُ بْنُ مَازِنٍ الرَّاسبيّ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ عِيسَى بْنُ مَازِنٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ رَجُلٌ مجهول، وهذا الحديث

لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، فَقَوْلُهُ: إنَّ يُوسُفَ هَذَا مَجْهُولٌ، مُشْكِلٌ، والظَّاهر أنَّه أَرَادَ أنَّه مَجْهُولُ الْحَالِ، فإنَّه قَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ مَشْهُورٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، فَارْتَفَعَتِ الْجَهَالَةُ عَنْهُ مُطْلَقًا، قُلْتُ: ولكن في شهوده قصَّة الْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ نَظَرٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَرْسَلَهَا عمَّن لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ سَأَلْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّه حَسَبَ دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَوَجَدَهَا أَلِفَ شَهْرٍ، لَا تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُهُ، فَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لأنَّه لَا يُمْكِنُ إِدْخَالُ دَوْلَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ الله عنه، وكانت ثنتا عَشْرَةَ سَنَةً، فِي هَذِهِ المدَّة، لَا مِنْ حَيْثُ الصُّورة وَلَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّهَا مَمْدُوحَةٌ لأنَّه أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشدين وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ الَّذِينَ قَضَوْا بالحقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ * وَهَذَا الْحَدِيثُ إنَّما سِيقَ لذمِّ دَوْلَتِهِمْ، وَفِي دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى الذَّم نَظَرٌ، وَذَلِكَ أنَّه دلَّ عَلَى أنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرِ الَّتِي هِيَ دَوْلَتُهُمْ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ خيِّرة، عَظِيمَةُ الْمِقْدَارِ وَالْبَرَكَةِ، كَمَا وَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَمَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِهَا عَلَى دَوْلَتِهِمْ ذمَّ دَوْلَتِهِمْ، فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا فإنَّه دَقِيقٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي صحَّته نَظَرٌ، لأنَّه إنَّما سِيقَ لذمِّ أيَّامهم وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ * وأمَّا إِذَا أَرَادَ أنَّ ابْتِدَاءَ دَوْلَتِهِمْ مُنْذُ وَلِيَ مُعَاوِيَةُ حِينَ تسلَّمها مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ، أَوْ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَامُ الْجَمَاعَةِ، لأنَّ النَّاس كلَّهم اجْتَمَعُوا عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ * وَقَدْ تقدَّم الْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرَةٍ أنَّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُولُ لِلْحَسَنِ بن علي: إنَّ ابني


(١) رواه البيهقي في الدلائل ٦ / ٥٠٩ - ٥١٠.
والترمذي في التفسير - تفسير سورة القدر.
الحديث (٣٣٥٠) ص (٥ / ٤٤٤) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>