اللقاء، ويقال: الخليل الذي يصل بالواسطة من قوله: … (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) … [الانعام: ٧٥] والحبيب الذي يصل إليه من غير واسطة، من قوله: … (فكان قاب قوسين أو أدنى) … [النجم: ٩] وقال الخليل: … (الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) … [الشعراء: ٨٢] وقال الله للحبيب محمد: … (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) … [الفتح: ٢] وقال الخليل: … (ولا تخزني يوم يبعثون) … [الشعراء: ٨٧] وقال الله للنبي: … (يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه) … [التحريم: ٨] وقال الخليل حين ألقي في النار: … (حسبي الله ونعم الوكيل) … [آل عمران: ١٧٣] وقال الله لمحمد: … (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) … [الأنفال: ٦٤] وقال الخليل: … (إني ذاهب إلى ربي سيهدين) … [الصافات: ٩٩] وقال الله لمحمد: … (ووجدك ضالا فهدى) … [الضحى: ٧] وقال الخليل: … (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) … [الشعراء: ٨٤] وقال لمحمد: • (رفعنا لك ذكرك) … [الشرح: ٤] وقال الخليل: … (واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام) * [إبراهيم: ٣٥] وقال الله للحبيب: … (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) … [الأحزاب: ٣٣] وقال الخليل: … (واجعلني من ورثة جنة النعيم) … [الشعراء: ٨٥] وقال الله لمحمد: … (إنا أعطيناك الكوثر) … [الكوثر: ١] … وذكر أشياء أخر، وسيأتي الحديث في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أن رسول الله ﷺ قال: إني سأقوم مقاما يوم القيامة يرغب إلى الخلق كلهم حتى أبو هم إبراهيم الخليل … فدل على أنه أفضل إذ هو يحتاج إليه في ذلك المقام، ودل على أن إبراهيم أفضل الخلق بعده، ولو كان أحد أفضل من إبراهيم بعده لذكره * ثم قال أبو نعيم: فإن قيل: إن إبراهيم ﵇ حجب عن نمروذ بحجب ثلاثة، قيل: فقد كان كذلك وحجب محمد ﷺ عمن أرادوه بخمسة حجب، قال الله تعالى في أمره: … (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) … [يس: ٩] فهذه ثلاث، ثم قال: … (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) * [الاسراء: ٤٥] ثم قال: … (فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) … [يس: ٨] فهذه خمس حجب … وقد ذكر مثله سواء الفقيه أبو محمد بن حامد، وما أدري أيهما أخذ من الآخر والله أعلم … وهذا الذي قاله غريب، والحجب التي ذكرها لإبراهيم ﵇ لا أدري ما هي، كيف وقد ألقاه في النار التي نجاه الله منها، وأما ما ذكره من الحجب التي استدل عليها بهذه الآيات، فقد قيل: إنها جميعها معنوية لا حسية، بمعنى أنهم مصرفون عن الحق، لا يصل إليهم، ولا يخلص إلى قلوبهم، كما قال تعالى: … (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب) … [فصلت: ٥] وقد حررنا ذلك في التفسير، وقد ذكرنا في السيرة وفي التفسير أن أم جميل امرأة أبي لهب، لما نزلت السورة في ذمها وذم زوجها، ودخولهما النار، وخسارهما، جاءت بفهر - وهو الحجر الكبير - لترجم النبي ﷺ، فانتهت إلى أبي بكر وهو جالس عند النبي ﷺ