للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثٌ آخَرُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ، ثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أنَّه سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاس الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا تَعْجِزُ هَذِهِ الأمَّة مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ إِذَا رَأَيْتَ الشَّام مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ (١) * هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مَوْقُوفًا عَلَى أبي ثعلبة، وقد أخرجه أبي دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَنْ يُعْجِزَ اللَّهُ هَذِهِ الأمَّة مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ (٢) * تفرَّد بِهِ أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حدَّثني صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قَالَ: إنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ نِصْفَ يَوْمٍ، قِيلَ لِسَعْدٍ: وَكَمْ نِصْفُ يَوْمٍ؟ قَالَ: خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ (٣) * تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وهذا من دلائل النبوة، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي وُقُوعَ تَأْخِيرِ الأمَّة نِصْفَ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ كَمَا فسَّره الصَّحابي، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: * (وإنَّ يَوْمًا عِنْدَ ربِّك كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تعدون) * ثمَّ هَذَا الْإِخْبَارُ بِوُقُوعِ هَذِهِ المدَّة لَا ينفي وقوع ما زاده عَلَيْهَا، فأمَّا مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس من أنَّه عليه السلام لَا يُؤَلِّفُ فِي قَبْرِهِ، بِمَعْنَى لَا يَمْضِي عَلَيْهِ أَلْفُ سَنَةٍ مِنْ

يَوْمِ مَاتَ إِلَى حين تقام السَّاعة، فإنَّه حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي شئ مِنْ كُتُبِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ * حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ ظُهُورِ النَّار الَّتِي كَانَتْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ حتَّى أَضَاءَتْ لَهَا أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: ثَنَا أبو اليمان، ثنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تضئ لها أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى " (٤) تفرَّد بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ التَّاريخ وَغَيْرُهُمْ مِنَ النَّاس، وَتَوَاتَرَ وُقُوعُ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، قَالَ الشَّيخ الْإِمَامُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْحَدِيثِ وَإِمَامُ المؤرِّخين فِي زَمَانِهِ، شِهَابُ الدِّين عَبْدُ الرَّحمن بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُلَقَّبُ بِأَبِي شَامَةَ فِي تَارِيخِهِ: إِنَّهَا ظَهَرَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وستَّمائة، وَأَنَّهَا اسْتَمَرَّتْ شهرا


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج ٤ / ١٩٣.
(٢) أخرجه أبو داود في الملاحم - ح ٤٣٣٩ ج ٤ / ١٢٥.
(٣) المصدر السابق ح: (٤٣٥٠) .
(٤) أخرجه البخاري في الفتن - (٢٤) باب.
ح (٧١١٨) فتح الباري ١٣ / ٧٨.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>