للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعدد جعلها حية، فهي ذات واحدة والله أعلم … ثم ننبه على ذلك عند ذكر إحياء الموتى على يد عيسى لأن هذه أعجب وأكبر وأظهر وأعلم، قال شيخنا: وأما أن الله كلم موسى تكليما، فقد تقدم حصول الكلام للنبي ليلة الاسراء مع الرؤية وهو أبلغ … هذا أورده فيما يتعلق بمعجزات موسى ليلة الاسراء فيشهد له: فنوديت يا محمد قد كلفت فريضتين وخففت عن عبادي، وسياق بقية القصة يرشد إلى ذلك، وقد حكى بعض العلماء الاجماع على ذلك، لكن رأيت في كلام القاضي عياض نقل خلاف فيه والله أعلم … وأما الرؤية ففيها خلاف مشهور بين الخلف والسلف، ونصرها من الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة المشهور بإمام الأئمة، واختار ذلك القاضي عياض والشيخ محي الدين النووي، وجاء عن ابن عباس تصديق الرؤية، وجاء عنه تفنيدها، وكلاهما في صحيح مسلم، وفي الصحيحين عن عائشة إنكار ذلك، وقد ذكرنا في الاسراء عن ابن مسعود وأبي هريرة وأبي ذر وعائشة أن المرئي في المرتين المذكورتين في أول سورة النجم، إنما هو جبريل ، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال: نورا لي أراه، وفي رواية: رأيت نورا … وقد تقدم بسط ذلك في الاسراء في السيرة وفي التفسير في أول سورة بني إسرائيل، وهذا الذي ذكره شيخنا فيما يتعلق بالمعجزات الموسوية عليه أفضل الصلاة والسلام … وأيضا فإن الله تعالى كلم موسى وهو بطور سينا، وسأل الرؤية فمنعها، وكلم محمدا ليلة الاسراء وهو بالملأ الأعلى حين رفع لمستوى سمع فيه صريف الأقلام، وحصلت له الرؤية في قول طائفة كبيرة من علماء السلف والخلف والله أعلم … ثم رأيت ابن حامد قد طرق هذا في كتابه وأجاد وأفاد وقال ابن حامد: قال الله تعالى لموسى: … (وألقيت عليك محبة منى)[طه: ٣٩] وقال لمحمد … (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)[آل عمران: ٣١] … وأما اليد التي جعلها الله برهانا وحجة لموسى على فرعون وقومه كما قال تعالى بعد ذكر صيرورة العصا حية: • (أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه) * [القصص: ٣٢] وقال في سورة طه: … (آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى)[طه: ٢٣] فقد أعطى الله محمدا انشقاق القمر بإشارته إليه فرقتين، فرقة من وراء جبل حراء، وأخرى أمامه، كما تقدم بيان ذلك بالأحاديث المتواترة مع قوله تعالى:(اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر)[القمر: ١ - ٢] ولا شك أن هذا أجل وأعظم وأبهر في المعجزات وأعم وأظهر وأبلغ من ذلك … وقد قال كعب بن مالك في حديثه الطويل في قصة توبته: وكان رسول الله إذا سر استنار وجهه كأنه فلقة قمر، وذلك في صحيح البخاري * وقال ابن حامد: قالوا: فإن موسى أعطي اليد البيضاء، قلنا لهم: فقد أعطي محمد ما هو أفضل من ذلك نورا كان يضئ عن يمينه حيث ما جلس، وعن يساره حيث ما جلس وقام، يراه الناس كلهم، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة، ألا ترى أنه يرى النور الساطع من قبره

<<  <  ج: ص:  >  >>