مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؟ هَذَا لَفْظُهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا النُّور غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي السِّيرة عِنْدَ إِسْلَامِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ أنَّه طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم آيَةً تَكُونُ لَهُ عوناً على إسلام قومه من بيته هُنَاكَ، فَسَطَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَالْمِصْبَاحِ، فَقَالَ: اللَّهم فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فإنَّهم يظنُّونه مُثْلَةً، فتحوَّل النُّور إِلَى طَرَفِ سَوْطِهِ فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ كَالْمِصْبَاحِ فَهَدَاهُمُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ بِبَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَبِدُعَائِهِ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ: اللَّهم اهْدِ دَوْسًا، وَأْتِ بِهِمْ، وَكَانَ يُقَالُ لِلطُّفَيْلِ: ذُو النُّور لذلك * وذكر أَيْضًا حَدِيثَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ فِي خُرُوجِهِمَا مِنْ عِنْدِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَأَضَاءَ لَهُمَا طَرَفُ عَصَا أَحَدِهِمَا، فلمَّا افْتَرَقَا أَضَاءَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَرَفُ عَصَاهُ، وَذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ * وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازيّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ حِنْدِسٍ فَأَضَاءَتْ عَصَا أَحَدِهِمَا مِثْلَ السِّراج وَجَعَلَا يَمْشِيَانِ بِضَوْئِهَا، فلمَّا تفرَّقا إِلَى مَنْزِلِهِمَا أَضَاءَتْ عَصَا ذَا وَعَصَا ذَا * ثمَّ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ يَزِيدَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سِرْنَا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دُحْمُسَةٍ فَأَضَاءَتْ أصابعي حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإن أصابعي لتستنير * وروى هشام بن عمار في البعث: حدَّثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ، حدَّثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حدَّثنا أَبُو التَّيَّاحِ الضَّبعيّ قَالَ:
كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يبدر فَيَدْخُلُ كُلَّ جُمُعَةٍ فربَّما نوِّر لَهُ فِي سَوْطِهِ، فَأَدْلَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ حتَّى إذا كان عند المقابر هدم بِهِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ صَاحِبَ كُلِّ قَبْرٍ جَالِسًا على قبره، فقال: هَذَا مُطَرِّفٌ يَأْتِي الْجُمُعَةَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: وَتَعْلَمُونَ عِنْدَكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَنَعْلَمُ مَا يَقُولُ فِيهِ الطَّير، قُلْتُ: وَمَا يَقُولُ فِيهِ الطَّير؟ قالوا: يقول: ربِّ سلِّم سلِّم قوم صالح * وأما دعاؤه عليه السلام بالطرفان، وَهُوَ الْمَوْتُ الذَّريع فِي قَوْلٍ، وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْآيَاتِ وَالْقَحْطِ وَالْجَدْبِ، فإنَّما كَانَ ذَلِكَ لعلَّهم يَرْجِعُونَ إِلَى مُتَابَعَتِهِ وَيُقْلِعُونَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ، فَمَا زَادَهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا، قَالَ اللَّهُ تعالى: * (وَمَا نرينهم مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ) * [الزخرف: ٤٨ - ٤٩] * * (وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ * وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بما عهد عنك لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إذا يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) * [الْأَعْرَافِ: ١٣٢ - ١٣٦] وَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ حِينَ تَمَادَوْا عَلَى مُخَالَفَتِهِ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ فَقَحَطُوا حتَّى أَكَلُوا كلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute