للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركاب بديار مصر (يتبوأ منها حيث يشاء) أي أين شاء حل منها مكرما محسودا معظما (نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين) أي هذا كله من جزاء الله وثوابه للمؤمن مع ما يدخر له في آخرته من الخير الجزيل والثواب الجميل. وهذا قال (ولاجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون) ويقال إن أطفير زوج زليخا كان قد مات فولاه الملك مكانه وزوجه امرأته زليخا فكان وزير صدق.

وذكر محمد بن إسحاق أن صاحب مصر - الوليد بن الريان - أسلم على يدي يوسف فالله أعلم. وقد قال بعضهم.

وراء مضيق الخوف متسع الامن … وأول مفروح به غاية الحزن

فلا تيأسن فالله ملك يوسفا … خزائنه بعد الخلاص من السجن

(وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون. ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوف الكيل وأنا خير المنزلين. فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون. قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون. وقال لفتيانه إجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون) [يوسف: ٥٨ - ٦٢] يخبر تعالى عن قدوم إخوة يوسف عليه إلى الديار المصرية يمتارون طعاما وذلك بعد إتيان سني الجدب وعمومها على سائر البلاد والعباد. وكان يوسف إذ ذاك الحاكم في أمور الديار المصرية دينا ودنيا. فلما دخلوا عليه عرفهم ولم يعرفوه لأنهم لم يخطر ببالهم (١) ما صار إليه يوسف من المكانة والعظمة فلهذا عرفهم وهم له منكرون.

وعند أهل الكتاب أنهم لما قدموا عليه سجدوا له فعرفهم وأراد أن لا يعرفوه فأغلظ لهم في القول: وقال: أنتم جواسيس، جئتم [لنا] لتأخذوا خير بلادي. فقالوا معاذ الله إنما جئنا نمتار لقومنا من الجهد والجوع الذي أصابنا، ونحن بنو أب واحد من كنعان، ونحن اثنا عشر رجلا ذهب منا واحد، وصغيرنا عند أبينا، فقال: لابد أن أستعلم أمركم … وعندهم: أنه حبسهم ثلاثة أيام ثم أخرجهم، واحتبس شمعون عنده ليأتوه بالأخ الآخر. وفي بعض هذا نظر. قال الله تعالى (فلما جهزهم بجهازهم) أي أعطاهم من الميرة ما جرت به عادته في إعطاء كل إنسان


(١) في عدم معرفتهم له وجوه: انه أمر حجابه أن يوقفوهم بعيدا عنه ولم يتكلم معهم إلا بالواسطة مع مهابة الملك وشدة الحاجة يوجبان كثرة الخوف.
- تغيره بعد إلقائه في الجب منذ زمن بعيد - قيل أربعون سنة.
- حصول العرفان والتذكر، لعله تعالى ما خلق ذلك في قلوبهم تحقيقا لما أخبره عنهم وهذا من معجزات يوسف .

<<  <  ج: ص:  >  >>